للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن العصبية الجاهلية كانت من أهم أسباب الفرقة والتقاتل بين الناس، فقد ركز الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- على إزالتها بل "وحاربها بكل قوة، ودون هوادة، وحذر منها، وسد منافذها؛ لأنه لا بقاء للدين العالمي، ولا بقاء للأمة الواحدة مع هذه العصبيات، ومصادر الشريعة الإسلامية زاخرة بإنكارها، وتشنيعها، وما أكثر النصوص في ذلك" (١)، ومن ذلك قوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (٢)، "يريد بذلك تعالى ذكره وتمسكوا بدين اللَّه الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم في كتابه إليكم من الألفة والاجتماع على كلمة الحق، والتسليم لأمر اللَّه" (٣).

وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال: (لا، ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم) (٤)، والمراد بالعصبية "هي المحاماة والمدافعة، والعصبي هو الذي يغضب لعصبته أي: أقاربه ويحامي عنهم" (٥).


(١) ردة ولا أبا بكر لها، لأبي الحسن الندوي، المختار الإسلامي: القاهرة، ط ١ , د. ت، ص ١٢.
(٢) سورة آل عمران، الآية [١٠٣].
(٣) جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ٤/ ٣٠.
(٤) أخرجه أبو داود، ٤/ ٣٣١، باب في العصبية، رقم: ٥١١٩، وابن ماجه، ٢/ ١٣٠٢، باب العصبية، رقم: ٣٩٤٩، قال الألباني في ضعيف سنن ابن ماجه، ٨/ ٤٤٩: ضعيف، والإمام أحمد، ٤/ ١٠٧، رقم: ١٧٠٣٠.
(٥) شرح سنن ابن ماجه، محمد بن يزيد القزوينى، بيروت: دار الجيل، ط ١، د. ت، ١/ ١٨٩، وانظر: عون المعبود، ١٤/ ١٧.

<<  <   >  >>