للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستعداد لملاقاته بدخول جيشنا إلى داره كل سنة أو بعمارة الثغور ونحوها حتى لا يبقى له سبيل إلى دخول دارنا واجب على الكفاية" (١)، وذم سبحانه المنافقين على ترك الاستعداد للجهاد والتقدم (٢)، {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} (٣)، ولم يأل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جهدًا لتقوية المسلمين، إلا أن رحمة اللَّه اقتضت ألا يحمل المسلمين واجب القتال، حتى توجد لهم دار إسلام، وحتى يتربوا التربية التي تؤهلهم للجهاد (٤)، ولما كان هذا الأمر متعذرًا في المرحلة المكية فإن المسلمين امتنعوا بأقوامهم وعشائرهم وبالجوار، ومن لم يقدر على ذلك ولم يكن له عشيرة تمنعه فقد أمره النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالهجرة إلى الحبشة، ولما جاءت بيعة العقبة الثانية كانت الفرصة قد حانت لهذا الإعداد، لذا: "فقد كانت البيعة الأولى لبث النظم الإسلامية التي يقوم عليها بناء الدولة القويم. . . والبيعة الثانية كانت لتكوين الدولة بالذود عن حياضها" (٥)، وليس المراد هنا بحث مراحل الجهاد وأطواره في عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أو بيان فضله وفضل الرباط، وإنما المراد التأكيد على أن الإعداد والجهاد في سبيل اللَّه من وسائل دفع الاستضعاف.

* * *


(١) الفتاوى الفقهية الكبرى، أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي، بيروت: دار الفكر، ط ١، د. ت، ٤/ ٢٦٢.
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص، ٤/ ٢٥٣.
(٣) سورة التوبة، الآية [٤٦].
(٤) انظر: فقه السيرة النبوية، د. محمد البوطي، دمشق: دار الفكر، ط ٧، ١٣٩٨ هـ، ص ١٣٣، والسيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية، ٢٥٦، ومعالم على الطريق، ص ٦٨ - ٧٢.
(٥) الوحدة الإسلامية، د. محمد أبو زهرة، بيروت: دار الرائد العربي، ط ١، ١٩٧٨ م، ص ٥٤.

<<  <   >  >>