للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل بأنها في التزام الحلف الذي كان في الجاهلية وجاء الإسلام بالوفاء به (١).

وكذلك قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (لَقَدْ شَهِدْتُ فِي دَارِ عَبْدِ اللَّه بْنِ جُدْعَانَ حِلْفًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ النَّعَمِ وَلَوِ أُدْعَى بِهِ فِي الإِسْلَامِ لأَجَبْتُ) (٢)، وقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: (شَهِدْتُ حِلْفَ المُطَيَّبِينَ مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلَامٌ فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ وَأَنِّي أَنْكُثُهُ) (٣). وهذا الحلف يُعد "مأثرة لقريش من مآثرها الكرام، وآثارها العظام، نالتهم فيه بركة حضور رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فهو وإن كان فعلا جاهليا دعتهم السياسة إليه فقد صار لحضور رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له، وما قاله بعد النبوة فيه وأكده من أمره حكما شرعيا وفعلا نبويا" (٤).


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن، ١٠/ ١٦٩.
(٢) سنن البيهقي الكبرى، ٦/ ٣٦٧. وكان سبب الحلف أن قريشًا كانت تتظالم بالحرم فقام عبد اللَّه بن جدعان والزبير بن عبد المطلب فدعوهم إلى التحالف على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فأجابهما بنو هاشم وبعض القبائل من قريش وجعلوا طيبًا في جفنة وغمسوا أيديهم فيه فسموا المطيبين، وأما تسميته بحلف الفضول تشبيها له بحلف كان بمكة أيام جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي وللغريب من القاطن قام به رجال من جرهم يقال لهم الفضل بن الحارث والفضل بن وداعة والفضل بن فضالة، فقيل حلف الفضول جمعا لأسماء هؤلاء، وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به في العرب. انظر: معرفة السنن والآثار، أحمد بن الحسين البيهقي، تحقيق: سيد كسروي حسن، بيروت: دار الكتب العلمية، ط ١، د. ت، ٥/ ١٧٥، والتيسير بشرح الجامع الصغير، ٢/ ٧٨، والروض الأنف في تفسير السيرة النبوية لابن هشام، عبد الرحمن بن عبد اللَّه الخثعمي السهيلي، بيروت: دار المعرفة، ط ١، ١٣٩٨ هـ، ١/ ٢٤٢.
(٣) مسند أحمد، ١/ ١٩٠، رقم: ١٦٥٥، والحاكم في المستدرك، ٢/ ٢٣٩، رقم: ٢٨٧٠، وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصحيح ابن حبان، ١٠/ ٢١٦، رقم: ٤٣٧٣.
(٤) الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول اللَّه، ١/ ٧٤.

<<  <   >  >>