ولا بد من التنبيه إلى أن الهجرة إلى الحبشة كانت فرارًا من العذاب، والعيش تحت ظل سلطان عادل وغير مسلم، أما الهجرة إلى المدينة فكانت لبناء الدولة، وإيذانًا بانتقال المسلمين من مرحلة الكف والدفاع إلى مرحلة الهجوم (١)، إذًا فالهجرة من أهم وسائل دفع الاستضعاف مؤقتًا، وهي مرحلة للانطلاق والعمل من جديد لرفع الاستضعاف كليًا، وأنها كانت فرضًا على من أسلم، وانتهى ذلك الفرض بفتح مكة، وبقي الوجوب أو الاستحباب أو الكراهة وفقًا لأحكام الهجرة.
وخلاصة ما سبق: أن الهجرة من أهم وسائل دفع الاستضعاف وكذا الدخول في الجوار، والمعاهدات، والتحالفات، والوحدة الإسلامية، والأخذ بأسباب القوة بكافة أنواعها، وكذلك الجهاد في سبيل اللَّه.
* * *
(١) انظر: تطور مفهوم الدولة في المجتمع الإسلامي الأول، ص ٤٠ - ٤١.