للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن الناظر في الأدلة الشرعية مجردة عن أسبابها، سواءً سبب النزول -فيما يتعلق بالآيات- أو سبب الورود -فيما يتعلق بالحديث، قلما يهتدي للمراد من الأدلة، ولربما فهمت على عكس المراد بها، وقد تقدم الحديث عن المرحلة المكية وصلتها بالاستضعاف، والمراد هنا التأكيد على أهمية دراسة أحوال النص لئلا ننزل أحكام التمكين على حالة الاستضعاف، أو أحكام الاستضعاف على حالة التمكين، ومن الأمثلة على هذا الفرق يمكننا المقارنة بين حادثة مقتل سمية -رضي اللَّه عنها- (١) في مكة (٢)، وبين حادثة المرأة المسلمة التي كُشفت عورتها في سوق بني قينقاع (٣)، ورد فعل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- والمسلمين في كلا الحادثتين.

* * *


(١) سُمَيَّةُ بنت خباط بمعجمة مضمومة وموحدة ثقيلة مولاة أبي حذيفة بن المغيرة بن عبد اللَّه بن عمرو بن مخزوم، والدة عمار بن ياسر، وكان ياسر حليفا لأبي حذيفة فزوجه سمية فولدت عمارا فأعتقه، كانت سابعة سبعة في الإسلام، عذبها أبو جهل وطعنها في قبلها فماتت فكانت أول شهيدة في الإسلام، ولما قتل أبو جهل يوم بدر قال النبي صلى اللَّه عليه وسلم لعمار: قتل اللَّه قاتل أمك. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٧/ ٧١٢، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، ٤/ ١٨٦٤، والطبقات الكبرى، ٣/ ٢٣٣.
(٢) "عن مجاهد قال: أول شهيد استشهد في الإسلام أم عمار طعنها أبو جهل بحربة في قُبلها"، أخرجه ابن أبي شيبة، ٧/ ٢٥٠، وذكره الحافظ ابن حجر -رحمه اللَّه- في فتح الباري، ٧/ ٩١.
(٣) انظر: السيرة النبوية لابن هشام، ٣/ ٣١٤.

<<  <   >  >>