للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: من لا هجرة عليه، وهو من يعجز عنها إما لمرض، أو إكراه على الإقامة، أو ضعف من النساء والولدان وشبههم، فهذا لا هجرة عليه.

والثالث: من تستحب له ولا تجب عليه، وهو من يقدر عليها، لكنه يتمكن من إظهار دينه، وإقامته في دار الكفر، فتستحب له ليتمكن من جهادهم، وتكثير المسلمين ومعونتهم، ويتخلص من تكثير الكفار ومخالطتهم ورؤية المنكر بينهم، ولا تجب عليه لإمكان إقامة واجب دينه بدون الهجرة" (١).

وبعد استعراض الحالات الثلاث، فإن الحالة الثالثة هي محل البحث في هذه المسألة، مع التنبيه على أن عموم الأدلة تدل على أن الأصل في إقامة المسلم في دار الكفر هو التحريم، ويستثنى من هذا الحكم الحالات التالية:

١ - من لم يقدر على الهجرة أو لم يجد مأوى له.

٢ - من كان قادرًا على الاعتزال.

٣ - كل من كان في إقامته مصلحة للمسلمين كالتجار والرسل والسفراء والدعاة والطلاب ونحوهم.

ولذا فقد ذهب فقهاء الشافعية إلى أن إقامة المسلم في دار الكفر هي الأفضل إن كان يرجو ظهور الإسلام فيها، أو قدر على الامتناع في دار الكفر والاعتزال؛ لأن موضعه فيها صار دار إسلام، وكذلك إن قدر على دعائهم إلى الإسلام أو قتالهم (٢)، كما استثنى المالكية من تحريم الإقامة من كان في إقامته مصلحة المسلمين كمفاداة أسير عندهم (٣).


(١) المغني، ٩/ ٢٣٦.
(٢) انظر: الحاوى الكبير، ١٤/ ٢٢٢، وروضة الطالبين، ١٠/ ٢٨٢.
(٣) انظر: شرح مختصر خليل، ٧/ ١٩٤، ومواهب الجليل، ٢/ ٥١٨.

<<  <   >  >>