للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحسب اختيار الفاجر وشهواته وفجوره فلا يجوز له ذلك" (١)، كما أن فيها "دليل على جواز طلب الولاية إذا كان الطالب ممن يقدر على إقامة العدل وإجراء أحكام الشريعة، وإن كان من يد الجائر أو الكافر، وعن مجاهد: أنه أسلم الملك على يده" (٢)، وإنما سأل يوسف عليه السلام الولاية للمصلحة الدينية (٣)، و"شفقة على خلق اللَّه لا منفعة نفسه" (٤).

ونوقش: بأن فعل يوسف عليه السلام من شرع من قبلنا، وهو ليس بشرع لنا إذا جاء في شرعنا ما ينقضه.

وأجيب: بأن الشرائع كلها اتفقت على أن الحاكمية للَّه، وقد قال يوسف عليه السلام: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (٥)، وتسلمه لذلك المنصب لا يُعد مخالفة لهذا الأصل، ومن ادعى أن الجواز خاص بيوسف عليه السلام فعليه أن يأتي بالدليل؛ لأن الأصل في سير الأنبياء أن نقتدي بها، بل أمر اللَّه نبيه عليه الصلاة والسلام أن يقتدي بيوسف وإخوانه من الأنبياء فقال -سبحانه- بعد أن ذكر في سورة الأنعام عددًا من الأنبياء عليهم السلام ومن بينهم يوسف عليه السلام: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ. .} (٦).


(١) المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي، تحقيق: عبد السلام عبد الشافي، دار الكتب العلمية: بيروت، ط ١، ١٤١٣ هـ، ٣/ ٢٥٦.
(٢) تفسير أبي السعود، ٤/ ٢٨٦.
(٣) انظر: الفتاوى، ١٥/ ١١٤.
(٤) مغني المحتاج، ٤/ ٣٧٤.
(٥) سورة يوسف، من الآية [٤٠].
(٦) سورة الأنعام، من الآية [٩٠].

<<  <   >  >>