للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتأخر من كل واحد منهما مبني على متقدمة، دل على ذلك الاستقراء، وذلك إنما يكون بيان مجمل، أو تخصيص عموم، أو تقييد مطلق، أو تفصيل ما لم يفصل، أو تكميل ما لم يظهر تكميله" (١). لقد كانت المرحلة المكية تأسيسًا ومنطلقًا لما بعدها، وكان لتلك المرحلة أهميتها في الإسلام، حتى أنه كان يؤرخ للصحابة -رضي اللَّه عنهم- بتلك المرحلة (٢).

إن "كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية، وكل مرحلة تسلم إلى المرحلة التي تليها. . فهو -أي الإسلام- لا يقابل الواقع بنظريات مجردة. كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة" (٣).

مما مضى يمكن القول بأن المرحلة المكية كانت تمثل حالة الاستضعاف الكلي، ولا يلزم حالة وقوع استضعاف كلي في أي زمن من الأزمان في مكان ما تطبيق كل ما كان قائمًا من أحكام في المرحلة المكية، إذ لكل زمان ظروفه، كما أن لكل مكان طبيعته الخاصة به، كما أن فقه الاستضعاف لا يعني بأي حال من الأحوال العودة للمرحلة المكية بكل أحكامها وآثارها.

* * *


(١) الموافقات، ٣/ ٤٠٦.
(٢) ومن الأمثلة على ذلك: "وأسلم حاطب بن عمرو قبل دخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دار الأرقم"، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ١/ ٩٢. وفي خبر إسلام حمزة -رضي اللَّه عنه-: "أسلم في السنة الثانية من البعث، وقيل: بل كان إسلام حمزة بعد دخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دار الأرقم، في السنة السادسة من مبعثه"، المرجع السابق، ١/ ١٠٩. وفي خبر إسلام عمر -رضي اللَّه عنه-: "أسلم عمر بعد دخول رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- دار الأرقم، بعد أربعين رجلًا أو نيف وأربعين من رجال ونساء"، تهذيب الأسماء واللغات، محيى الدين بن شرف النووي، بيروت: دار الفكر، ط ١، ١٩٩٦ م، ١/ ٤٨٩.
(٣) معالم في الطريق، سيد قطب، الكويت: الاتحاد الإسلامي العالمي للمنظمات الطلابية، ط ١، ١٩٧٨ م، ص ٥٧.

<<  <   >  >>