للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد أخبر اللَّه "تعالى عما توعدت به الأمم الكافرة رسلهم، من الإخراج من أرضهم، والنفي من بين أظهرهم" (١)، فـ "هم لا يقبلون من الرسل والذين آمنوا معهم، أن يتميزوا وينفصلوا بعقيدتهم وبقيادتهم وبتجمعهم الخاص. إنما يطلبون إليهم أن يعودوا في ملتهم، ويندمجوا في تجمعهم، ويذوبوا في هذا التجمع. أو أن يطردوهم بعيدًا وينفوهم من أرضهم. . ولم يقبل الرسل الكرام أن يندمجوا في التجمع الجاهلي، ولا أن يذوبوا فيه، ولا أن يفقدوا شخصية تجمعهم الخاص. . هذا التجمع الذي يقوم على قاعدة أخرى غير القاعدة التي يقوم عليها التجمع الجاهلي" (٢).

وفي قصة شعيب عليه السلام، قال تعالى: {قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَاشُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} (٣)، "وهذا خطاب مع الرسول والمراد أتباعه الذين كانوا معه على الملة" (٤). وفي قصة لوط عليه السلام، قال عز وجل: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (٥)، وأخبر سبحانه عما جرى للنبي الكريم عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} (٦) "وكان من صنعه تعالى: أنه أظهر رسوله ونصره، وجعل له بسبب خروجه من مكة أنصارًا وأعوانًا وجندا، يقاتلون في سبيل اللَّه، ولم يزل يرقيه اللَّه تعالى من شيء إلى


(١) تفسير القرآن العظيم، ٤/ ٤٨٣.
(٢) في ظلال القرآن، سيد قطب، بيروت: دار الشروق، ط ٧، ١٩٧٨ م، ٤/ ٢١٠١.
(٣) سورة الأعراف، الآية [٨٨].
(٤) تفسير القرآن العظيم، ٣/ ٤٤٨.
(٥) سورة النمل، الآية [٥٦].
(٦) سورة الإسراء، الآية [٧٦].

<<  <   >  >>