«ونازعَ - ابن حزمٍ - من ادعى الإجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر أنه ضرب قدم أبي عثمان النهدي لإقامة الصفّ، وبما صحَّ عن سويد بن غفلة قال: «كان بلال يسوي مناكبنا، ويضرب أقدامنا في الصلاة»، فقال: ما كان عمر وبلالُ يضربانِ أحداً على تركِ غير الواجب، وفيه نظر، لجواز أنهما كانا يريان التَّعْزِيْرَ على تركِ السُّنةِ». اهـ.
وقال الحافظ - أيضاً - على حديث أنسٍ مرفوعاً:«سوُّوا صفوفكم، فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة»:
«واستدلَّ ابن حزم (١) بقوله: «إقامة الصلاة» على وجوب تسوية الصفوف قال: لأن إقامة الصلاة واجبةٌ، وكل شيء من الواجب واجبٌ.
ولا يخفى ما فيه، ولا سيما وقد بيّنا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة.
وتمسَّك ابن بطّال بظاهر لفظ أبي هريرة: (فإن إقامة الصف من حُسْنِ الصلاة» فاستدلّ به على أنَّ التسويةَ سنَّة، قال: لأن حُسْنَ الشَيءِ زيادة على تمامه.
وأُورِدَ عليه رواية «من تمام الصلاة».
وأجاب ابنُ دقيق العيد، فقال: قد يؤخذ من قوله: «تمام الصلاة» الاستحباب، لأنَّ تمام الشيء في العرفِ أمرٌ زائدٌ على حقيقته التي لا يتحقَّق إِلا بها، وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لا تتمُّ
(١) ينظر (المحلَى) ٤/ ٧٥، ط مكتبة الجمهورية العربية.