للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم - مما تَسَاهَل الناس بتركِ العمل به، من الأمور التي يثاب الإنسان على فعلها، ولا يعاقب على تركها - إذا أَخْبَرَ بها مُخْبِرٌ أنها سُنَّةٌ مهجورة غير معمولٍ بها: أن المخبر بذلك مشوشٌ على الناسِ إذا عَمِلَ به ... لانْسدَّ باب العلم، وأُميتت السُّنَن؛ وفي ذلك من المفاسِدِ ما لا يحصيه إلا الله». اهـ.

ولقد صدق - رحمه الله - فأي مفسدةٍ أعظم على أهل الإسلام والسنَّةِ من موتِ سُنَّةٍ كانت من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، حتى لا تعلم الأجيال بها، ولو فعلتْ عندهم لأنكروها.

وقد روى الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١) أن عبد الله بن الحسن يكثر الجلوس إلى رَبِيْعَةَ، قال: فتذاكروا يوماً السُّنَن، فقال رجلٍ كان في المجلس: ليس العَمَلُ على هذا.

فقال عبد الله: أرأيت إن كَثُرَ الجُهَّال حتى يكونوا هم الحكام أَفَهُم الحجَّة على السنُّةِ؟!

فقال ربيعةُ: أشهد أنَّ هذا كلامُ أبناء الأنبياء. اهـ.

وما موت السنَّة إلا علامةُ ظهور البدع وفشوّها، كما قال ابن عباسٍ - رضي الله عنهما -: «ما يأتي على الناس من عامٍ إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنَّة، حتى تحيا البدعُ وتموت السنن».

رواه ابن وضاح في «البدع والنهي عنها» (٢).


(١) ١/ ١٤٦.
(٢) ص: ٣٨ - ٣٩، وأخرجه الطبراني في الكبير (١٠٦١٠)، وقال الهيثمي (١/ ١٨٨) رجاله موثقون.

<<  <   >  >>