ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شنآن المتعصبين، ولا تهويل المبطلين، ولا حيصة الَعوَامِّ المفْتونين، فإنَ السنَّة اليومَ غريبةٌ، معاولُ الهدمِ تخدشها من كلِّ جانب، فهي اليوم في أشدِّ الحاجة إلى أبنائها المخلصين، الذين يتحملون في سبيلها المشاق، ويؤثرونها على حظوظ أنفسهم، قائدهم في ذلك الرِّفقُ واللين، والمجادلة بالتي هي أحسن، وسيكون التوفيق حليفهم، والعاقبة الحسنى لهم، متى ما أخلصوا النيَّة لله عز وجل، واحتسبوا منه وحده الثواب على هذا العَمَلِ الجسيم.
وما أحوجنا هنا أن نُذَكَّرهم بتلك التجربة التي جرتْ على يَدِ الإمام الشاطبي - رحمه الله - عندما عقد العزم على إحياء السنَّة والتجرُّدِ لها وإن خالفها الناس، فتعرض بسببِ ذلك لمقتِ الناس، وإزرائِهم به، واتِّهامِهِ بكلَّ سوء ولكنَّ العاقبة للمتقين:
«... فتردَّد النظر بين أن أتبعَ السنَّة على شرط مخالفةِ ما اعتاد الناس؛ فلا بُدَّ من حصولِ نحوٍ مما حصل لمخالفي العوائد - لا سيما إذا ادعى أهلُها أن ما هم عليه هو السنَّة لا سواها - إلا أن في ذلك العِبْءِ الثَّقِيْلِ ما فيه من الأجر الجزيل. وَبَيْنَ أن أتّبعهم على شرط مخالفةِ السنَّة والسلف الصالح، فأدخلُ تحت ترجمة الضُّلالِ - عائذاً