فإذا ما تَمَسَّكَ بها من يرى أن السنَّة عائقٌ من عوائِق تصحيح المسار - باعتبار أنها جالبةٌ للخلاف والنزاع - فإننا نردُّ عليه: بأنَّ تركَ السنَّةِ بالكلِّيةِ مفسدةٌ عظيمةٌ، بها يَضِيْعُ شيءٌ من شرع الله تعالى، وقد قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -:
«يجيء قومٌ يتركون من السنَّة مثل هذا - يعني مِفْصَل الإصبع - فإن تركتموهم جاءوا بالطامة الكبرى، وإنه لم يكن أهلُ كتابٍ قطُّ إلاَّ كان أول ما يتركون السنة، وإن آخر ما يتركون الصلاةَ، ولولا أنهم يَسْتَحْيُوْنَ لتركوا الصلاة».
رواه اللالكائي في «شرح اعتقاد أهل الحديث» ١/ ٩١.
إذاً فالمفهوم الصحيح للقاعدة: أنه إذا ترتب على إظهار سنَّة من السنُّنِ مفسدةٌ راجحة على مصلحةِ إظهار السنَّةِ، فَيُكَفُّ عن السُّنَّةِ في هذا الموطنِ، مع مراعاة ما يلي:
ثالثاً: إذا عُلِمَ من حالِ المشوِّشِ على إقامةِ السنَّة، أنه إنما دفعها رغبةً عنها، إما تعصباً لمذهب، أو اتباعاً لمنهجٍ، فإِنَّ السنة تقام - وإن رَغِمَ أَنْفُه وأنفُ ألفٍ مثله - لأن النبي صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قال:
«... ومن رغب عن سنَّتي فليس مني».
والمصلحة الكبرى التي كُنَّا نريد إبقاءها، إنما هي: المودَّة بين أهل السنَّة، وتلافي وقوع البغضاء والعداوة بينهم، فلما كان هذا الرجل