قال ابن جني: ومعنى لكن الاستدراك تقول: ما قام زيد لكن عمرو, وما رأيت أحدًا لكن جعفرًا. إلا أنها لا تستعمل في العطف إلا بعد النفي, ولو قلت: قام زيد لكن عمرو, لم يجز, فإن جاءت بعد الواجب لزم أن تكون بعدها الجملة, تقول: قام زيد لكن عمرو لم يقم, ومررت بمحمد لكن جعفرًا لم أمرر به. ومعنى أم الاستفهام ولها فيه موضعان: أحدهما: أن تقع معادلة متصلة لهمزة الاستفهام على معنى أي. والآخر: أن تقع منقطعة مما قبلها على معنى بل. الأول نحو قولك: أزيد عندك أم عمرو.
معناه: أيهما عندك؟ وأزيدًا أم عمرًا, معناه: أيهما رأيت.
الثاني نحو قولك: هل زيد عندك أم عندك عمرو, معناه: بل أعندك عمرو تركت السؤال الأول, وأخذت في الثاني, وقد تقع في هذا الوجه بعد الخبر.
تقول: قام زيد أم قعد عمرو, ومعناه: بل أقعد عمرو, ومثله من كلامهم: إنها لأبل أم شاء, مضى صدر الكلام على اليقين ثم أدركه الشك فاستثبت فيما بعد / فقال: أم شاء, إلا أن ما بعد بل متحقق, وما بعد أم مشكوك فيه مسئول عنه. قال علقمة بن عبدة:
هل ما علمت وما استودعت مكتوم ... أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم
أم هل كبير بكى لم يقض عبرته ... إثر الأحبة يوم البين مشكوم
ــ
قال ابن الخباز: وأما لكن: فهي للاستدراك بعد النفي تقول: (ما) قام زيد لكن عمرو والنهي بمنزلته تقول: لا تأخذ درهمًا لكن دينارًا, ولا يجوز أن تقول: قام زيد لكن عمرو وأجازه الكوفيون, واحتج أصحابنا بأن بل أعنت عنها. واحتج الكوفيون بقياسها على بل, وأجاب أصحابنا بأن لكن تزول عن العطف إذا دخلت الواو عليها كقوله تعالى: {ولكن لا يعلمون} فإذا أردت =