قال ابن جني: والضمير المجرور لا يكون إلا متصلًا, وهو الياء للمتكلم نحو مررت بي, والتثنية والجمع جميعًا: مررت بنا, وللمخاطب: مررت بك وبكما وبكم, وللمخاطبة: مررت بك وبكما وبكن وللغائب: مررت به وبهما, وبهم, وللغائبة: مررت بها وبهما وبهن, وإذا قدرت على الضمير المتصل لم تأت بالمنفصل تقول: قمت, ولا تقول: قام أنا, لأنك تقدر على التاء, وتقول: رأيتك ولا تقول: رأيت إياك, لأنك تقدر على الكاف, وربما جاء ذلك لضرورة الشعر, قال الراجز:
* إليك حتى بلغت إباكا *
يريد: حتى بلغتك, وقال أمية:
بالوارث الباعث الأموات قد ضمنت ... إياهم الأرض في دهر الدهارير
أي: قد ضمنتهم.
ــ
= فإن قلت: فما بال الفعل يسكن لضمير الفاعل دون ضمير المفعول؟ قلت: لأن ضمير الفاعل متصل لفظًا وحكمًا, وضمير المفعول متصل لفظًا ومنفصل حكمًا. سمعت هذه العبارة من الشيخ رحمه الله.
قال ابن الخباز: وأما المجرور فهو اثنا عشر ضميرًا, وجملة ذلك أنه كل ضمير مجرور متصل كقولك: {لي عملي} , ولنا عملنا ولك عملك, ولك عملك, ولكما عملكما, {ولكم عملكم} , ولكن عملكن. وله عمله ولها عملها, ولهما عملهما, ولهم عملهم ولهن عملهن, فانظر هذا التمثيل فإنه جامع للضمائر المجرورة ومبين جهتي جر المضمر من حرف جر ومضاف.
واعلم أن المتصل أخصر لفظًا من المنفصل, والمضمر إنما جيء به للاختصار فإذا قدرت على المتصل لم تأت بالمنفصل, وجملة الأمر أن المواضع ثلاثة: موضع لا يصلح فيه إلا المنفصل كقولك: إن الكريم أنت, فلا تقول: إن الكريم ت لأنه =