ولا شبهة في أن الأصل ظهور فعل القسم, فيقال: أحلف بالله, وفي التنزيل:{قالوا تقاسموا بالله} وإنما جاز حذفه لأن الحال تدل عليه. وقد يزيدون الاتساع بأن يحذفوا حرف الجر, فإذا حفوه وصل فعل القسم إلى الاسم المحلوف به فنصبه كقولك: الله لأفعلن, وأباك لأذهبن والأصل: أحلف بأبيك, فحذف أحلف والباء, وذلك لكثرة القسم في كلامهم.
قال امرؤ القيس:
٣٩٦ - فقالت يمين الله مالك حيلة ... وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
وقال ذو الرمة:
٣٩٧ - ألا رب من قلبي له الله ناصح ... ومن قلبه لي في الظباء السوانح
وبعض العرب يجر اسم الله تعالى وحده بعد حذف الحرف, فيقول: الله لأفعلن لأن حلفهم بهذا الاسم كثير ولا يجيز البصريون جر غيره, فلا يقولون: أبيك لأقومن لأن الحلف لم يكن به ككثرته بالله عز وجل, وأجازه الكوفيون, وحجتهم أن موضع الحرف قد علم, فجاز حذفه وإعماله, والجواب: أن حرف الجر ضعيف جدًا, فلا يجوز إعماله بعد الحذف, وقيل: إنه قرئ: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقال بعض الجهال بالعربية: إنه بدل من اسم الله تعالى في قوله تعالى: {تلك آيات الله} أسخن الله عينه ما هذا الإبدال, وقد فصلت بينهما =