قال ابن جني: واعلم أن المصدر إذا كان في معنى أن والفعل ولم يكن مضافًا, عمل عمل الفعل في رفعه ونصبه إلا أنه لا يتقدم عليه شيء مما بعده, ولا يفصل بالأجنبي بينه وبينه.
تقول: عجبت من ضرب زيد عمرًا, ومن ركوب أخوك الفرس, أي: من أن ركب أخوك الفرس, قال الله عز وجل: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة * يتيمًا ذا مقربة} وقال الشاعر:
بضرب بالسيوف رؤوس قوم ... أزلنا هامهن عن المقيل
أي: بأن نضرب رؤوس قوم.
فإن كانت فيه اللام: فكذلك أيضًا, تقول: عجبت من الضرب زيد عمرًا أي: من أن ضرب زيد عمرًا, قال الشاعر:
لقد علمت أولى المغيرة أنني ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعًا
أي: عن أن ضربت مسمعًا. فإن أضفت المصدر إلى الفاعل انجر, وانتصب المفعول به, تقول: عجبت من أكل زيد الخبز, ومن أكل الخبز زيد, قال الشاعر:
أفتى تلادي وما جمعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق
يروى: أفواه الأباريق, وأفواه الأباريق, رفعًا ونصبًا على ما مضى.
وتقول: سرني قيامك يوم الجمعة, فتنصيب يوم الجمعة ظرفًا لسرني, ولو قلت: سرني يوم الجمعة قيامك, فجعلت يوم الجمعة ظرفًا للقيام لم يجز لتقديمك بعض الصلة على الموصول.
ــ
قال ابن الخباز: واعلم أن المصدر قسمان: ما لا يكون في معنى أن وفعله, وما يكون في معناهما.
فالأول: هو الذي ينصبه فعله, ويذكر معه لأحد الأشياء الثلاثة التي ذكرت في