وإنما كان المصدر المنون أقوى الثلاثة في الإعمال, لأن المنون نكرة فهو بمنزلة الفعل, والفعل عندهم ن كرة لأحد أمرين: إما لأنه يدل على المصدر وهو في الأصل نكرة, وإما لأنه والفاعل يقعان صفة للنكرة كقولك: مررت برجل ذهب أبوه قال الشاعر:
الهام جمع هامة, وهي أعلى الرأس, ومقيلة: مكانه, ومن ذلك ما أنشده سيبويه:
٤٢٩ - أخذت بسجلهم فنفحت فيه ... محافظة لهن إخا الذمام
أي: لأن أحافظ لهن إخا الذمام.
الثاني: ما فيه الألف واللام, وهو بمنزلة المنون في استبانة رفع الفاعل ونصب المفعول بعده, تقول: عجبت من الضر زيد عمرًا, لأن ما فيه الألف واللام ممتنع من الإضافة والذي فيه الألف واللام ضعيف في الإعمال, لأنه لما تعرف بعد من شبه الفعل, وقال أبو علي الفارسي: «لم يجئ شيء من المصادر بالألف واللام معمل في التنزيل, وتأولوا آية حملوها على هذا, وهي قوله تعالى:{لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم} والتقدير: لا يحب الله أن يجهر بالسوء