للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوْلِه:

فإنْ تَرْفُقِى يا هِنْدُ فالرِّفْقُ أَيْمَنُ ... وإنْ تَخْرُقِى يا هِنْدُ فالخَرْقُ أشْأَمُ

فأنتِ طَلاقٌ والطَّلاقُ عزِيمَةٌ ... ثلاثًا ومَنْ يَخْرُقْ أعَقُّ وأَظْلَمُ

فبِينى بها إنْ كنتِ غيرَ رَفِيقَةٍ ... وما لامْرِئٍ بعدَ الثَّلاثِ مُقَدَّمُ (١)

فماذا يَلْزَمُه فيهما؟ فقالا: إن رفَعَ «ثلاثًا» الأُولَى، طَلُقَتْ واحدةً فقط؛ لأنَّه قال لها: أنتِ طلاقٌ. وأَطْلقَ، فأقَلُّه واحدةٌ، ثم أخْبَرَ ثانيًا بأنَّ الطَّلاقَ التَّامَّ العَزِيمةِ ثَلاثٌ، وإن نصَبَها، طَلُقَتْ ثلاثًا؛ لأَنَّ معْناه أنتِ طالِقٌ ثلاثًا، وما بينَهما جملةٌ معْتَرِضَةٌ. وقال الجَمالُ ابنُ هِشَامٍ الأَنْصارِىُّ (٢)، مِن أئمَّتِنا فى «مُغْنِى اللَّبِيبِ» (٣) ما نصُّه: وأقولُ: إنَّ الصَّوابَ أنَّ كلًّا منهما مُحْتَمِلٌ لُوقوعِ الثَّلاثِ والواحدَةِ؛ أمَّا الرَّفْعُ؛ فلأَنَّ «أل» فى الطَّلاقَ إمَّا لمجازِ الجِنْسِ نحوَ: زَيْدٌ الرَّجُلُ؛ أى هو الرَّجُلُ المُعْتَمَدُ عليه المُعْتَدُّ به فى الرِّجالِ، وإمَّا للعَهْدِ الذِّكْرِىِّ، كمثْلِها فى قوْلِه تعالَى: {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} (٤). أى، وهذا الطَّلاقُ


(١) القصة والأبيات فى: مجالس العلماء، للزجاج ٣٣٨. وشرح المفصل، لابن يعيش ١/ ١٢. والأبيات بلا نسبة فيهما.
(٢) جمال الدين أبو محمد، عبد اللَّه بن يوسف بن هشام الأنصارى، الحنبلى النحوى، تفقه للشافعى ثم تحنبل فحفظ «مختصر الخرقى»، وأتقن العربية ففاق أقرانه وشيوخه، وله العديد من المؤلفات والشروح فى النحو وغيره، توفى سنة إحدى وستين وسبعمائة. معجم المؤلفين ٦/ ١٦٣.
(٣) مغنى اللبيب ١/ ٥١، ٥٢.
(٤) سورة المزمل ١٦.