للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذْكورُ عزيمَتُه ثَلاثٌ، ولا تكونُ للجِنْسِ الحَقِيقِىِّ؛ لأنَّه لا يلْزَمُ منه الإِخبارُ عن العامِّ بالخاصِّ، كـ «الحَيوانُ إنْسانٌ» فهو باطِلٌ، اذْ ليس كلُّ حَيوانٍ إنسانًا، ولا كُلُّ طَلاقٍ عَزِيمَةً أو ثلاثًا، فعلى العَهْدِيَّةِ، تقَعُ الثَّلاثُ، وعلى الجِنْسِيَّةِ، تقَعُ الواحدَةُ. كما قد قالَه الكِسائِىُّ، وأبو يُوسُفَ تَبَعًا له. وأمَّا النَّصْبُ؛ فلِأَنَّه مُحْتَمِلٌ لكَوْنِه (١) مَفْعولًا مُطْلَقًا أو مَصْدَرًا، وحِينَئذٍ يقْتَضِى وُقوعَ الثَّلاثِ؛ إذ المَعْنَى، فأنتِ طالِقٌ ثلاثًا، ثم اعْتَرَضَ بينَهما بقَوْلِه: والطَّلاقُ عزيمَةٌ. أو لكَوْنِه حالًا مِنَ الضَّميرِ المُسْتَتِرِ فى عزِيمَةٍ، وحِينَئذٍ فلا يَلْزَمُ منه وُقوعُ الثَّلاثِ؛ لأَنَّ المَعْنَى، والطَّلاقُ عزِيمَةٌ إذا كان ثلاثًا، فإنَّما يقَعُ ما نواه، وهذا ما يقْتَضِيه مَعْنَى هذه اللَّفْظَةِ مع قَطْعِ النَّظرَ عن شئٍ آخرَ. فأمَّا الذى قد نواه هذا الشَّاعِرُ المُعَيَّنُ بقَوْلِه فى شِعْرِه المذْكُورِين فيه، فهو الثَّلاثُ. بدَليلِ البَيْتِ الثَّالثِ مِن قوْلِه فى شعْرِه المذْكُورِين فيه. فإن نوَى واحدةً فى محَلِّ الثَّلاثِ بلا تَزْوِيجٍ، أو كِنايَةٍ ظاهِرَةٍ أو عكسِه، أو لم يَنْوِ شيئًا بل أطْلَقَ، فاحْتِمالان؛ أظْهَرُهما يُعْمَلُ باليَقِينِ -والوَرَعُ الْتِزامُ المَشْكُوكِ فيه بإيقاعِه يقِينًا- والأَصْلُ بَقاءُ النِّكاحِ وتَمامُ الثَّلاثِ، فلا يزُولُ الشَّكُّ فيهما. انتهى. واللَّهُ أعلمُ. الثَّالثةُ، لو قال: الطَّلاقُ يَلْزَمُنِى. ونحوُه، لا أفْعَلُ كذا. وفَعَلَه وله أكثرُ مِن زَوْجَةٍ؛ فإذا كان هناك نِيَّةٌ أو سبَبٌ يقْتَضِى التَّعْمِيمَ أو التَّخْصِيصَ عُمِلَ به، ومع فَقْدِ السَّبَبِ والنِّيَّةِ، خرَّجَها بعضُ الأصحابِ على الرِّوايتَيْن فى وُقوعِ الثَّلاثِ بذلك، على الزَّوْجَةِ الواحدَةِ؛ لأَنَّ الاسْتِغْراقَ فى الطَّلاقِ يكونُ تارَةً فى نفْسِه، وتارَةً فى محَلِّه. وفرَّق بعضُهم بينَهما؛ بأنَّ عُمومَ الطَّلاقِ مِن بابِ عُموم المَصدَرِ لأَفرادِه، وعُمومَ الزَّوْجاتِ يُشْبِهُ عُمومَ المَصدَرِ لمَفعولاتِه، وعُمومُه لَأفرادِه أقْوَى مِن عُمومِه لمَفعولاتِه؛ لأنَّه يدُلُّ على أفْرادِه


(١) بعده فى ش، أ: «مفعولا به، أو». والمثبت موافق لمغنى اللبيب ١/ ٥١.