الصَّحيحُ، وهو ظاهِرُ مُصْطلَحِ الحارِثِي (١) في «شَرحِه». وفيه نظرٌ؛ فإنَّ في كتابِه مَسائِلَ كثيرةً يُطْلِقُ فيها الخِلافَ بهذه العبارَةِ، وليستِ المذْهبَ، ولا عَزاها أحَدٌ إلى اخْتِيارِه، كما يَمُرُّ بك ذلك إنْ شاءَ اللةُ تعالى، ففي صِحَّتِه عنه بُعدٌ. ورُبَّما تكونُ الرِّوايَةُ أو الوَجْهُ المسْكوتُ عنه مُقَيَّدًا بقَيدٍ، فأذْكُرُه، وهو في كلامِه كثيرٌ. وتارَةً يذْكُرُ حُكْمَ المسْألَةِ مُفَصَّلًا فيها، ثم يُطْلِقُ رِوايتَين فيها، ويقولُ:«في الجُملَةِ». بصِيغَةِ التَّفريضِ، كما ذكره في آخِرِ الغَصبِ، أو يحكِى بعدَ ذِكْرِ الحُكْمِ إطْلاقَ الرِّوايتَين عن الأصحابِ، كما ذكَره في بابِ المُوصَى له، ويكونُ في ذلك أيضًا تفْصيلٌ، فنُبَيِّنُه إنْ شاء اللهُ تعالى. وتارةً يُطْلقُ الخِلافَ بقوْلِه، بعد ذِكْرِ حكْمِ المسْألةِ:«يَحتمِلُ وَجْهين». والغالِبُ أنَّ ذلك وَجْهان للأصحابِ، إلَّا أنَّه لم يَطَّلع على الخِلافِ، فوافقَ كلامَهم، أو تابعَ عبارةَ غيرِه. وتارة يقولُ:«فعنه كذا، وعنه كذا».كما قاله في بابِ النَّذْرِ، والمَعروفُ مِنَ المُصطَلحِ أنَّ الخِلافَ فيه مُطْلَقٌ. وتارةً يقولُ:«فقال فُلانٌ كذا. وقال فلانٌ كذا».كما ذكَرهُ في بابِ الإقْرارِ بالمُجْمَلِ وغيرِه. وهذا مِن جُملَةِ الخِلافِ المُطْلَقِ فيما يظْهرُ. وتارةً يقولُ، بعدَ حكْمِ المسْألَةِ:«ذكَره فُلانٌ، وقال فلانٌ كذا. أو عندَ فلانٍ كذا، وعند فلانٍ كذا». كما ذكره في بابِ جامِع الأيمانِ، وكتابِ الإِقْرارِ، وغيرِهما. وهذا في قُوَّةِ الخِلافِ المُطْلَقِ. ولو قيلَ: إنَّ فيه مَيلًا إلى قُوَّةِ القَوْلِ الأوَّلِ. لَكان له وَجْهٌ. وتارةً يقولُ، بعدَ ذِكْرِ الحكْمِ: «حكْمُ المسْألةِ في قْولِ
(١) مسعود بن أحمد بن مسعود الحارثي البغدادي ثم المصري، سعد الدين، أبو محمد وأبو عبد الرحمن، الفقيه، المحدث، الحافظ، قاضي القضاة. سمع بمصر والإِسكندرية ودمشق، وعنى بالحديث، وقرأ بنفسه، وكتب بخطه الكثير، وخرج لجماعة من الشيوخ معاجم، وتفقه، وبرع، وأفتى، وصنف، وشرح قطعة من كتاب «المقنع» من العارية إلى آخر الوصايا. توفي سنة إحدى عشرة وسبعمائة بالقاهرة. والحارثي؛ نسبة إلى الحارثية، قرية من قرى بغداد غربيها. ذيل طبقات الحنابلة ٢/ ٣٦٢ - ٣٦٤، الدرر الكامنة ٥/ ١١٦، ١١٧.