انتهى. وقال المُحِبُّ الطَّبَرِىُّ (١)، بعدَ حِكايَةِ كلام أبى عُبَيْدٍ ومَن تَبِعَه، قال: أخْبَرنِي الثِّقَةُ العالِمُ عبدُ السَّلامِ البَصْرِىُّ، أنَّ حِذاءَ أُحُدٍ، عن يَسارِه جانِحًا إلى وَرائِه، جَبَلًا صغيرًا يُقالُ له ثَوْرٌ، وأخْبَرَ أنَّه تكَرَّرَ سُؤالُه عنه لطَوائِفَ مِنَ العرَبِ العارِفِين بتِلْك الأرْضِ وما فيها مِنَ الجِبالِ، فكُلٌّ أخْبَرَ أنَّ ذلك الجَبَلَ اسْمُه ثَوْرٌ، وتَوارَدُوا على ذلك. قال: فعَلِمْنا أنَّ ذِكْرَ ثَوْرٍ فى الحديثِ صحيحٌ، وأنَّ عدَمَ عِلْمِ أكابِرِ العُلَماءِ به لعدَمِ شُهْرَتِه، وعدَمِ بَحْثِهم عنه. قال: وهذه فائدَةٌ جلِيلَةٌ. انتهى. وقال فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»، و «الفَائقِ»، وغيرِهم: وحَرَمُها ما بينَ جَبَلَيْها. وقيل: كما بينَ ثَوْرٍ إلى عَيْرٍ. وقال فى «الفُروعِ»: وحَرَمُها ما بينَ لابَتَيْها، بَرِيدٌ فى بَرِيدٍ. نصَّ عليه. انتهى. وقد ورَد:«أُحَرِّمُ ما بينَ لابَتَيْهَا»، وفى رِوايَةٍ:«ما بينَ جَبَلَيْهَا»، وفى رِوايَة:«ما بينَ مَأْزِمَيْهَا». قال الحافِظُ العَلَّامَةُ ابنُ حَجَرٍ فى «شَرْحِه»: رِوايَةُ: «ما بَيْنَ لابَتَيْهَا» أرْجَحُ؛ لتَوارُدِ الرِّوايَةِ عليها، ورِوايَةُ:«جَبَلَيْهَا» لا تُنافِيها، فيكونُ عندَ كلِّ جَبَلٍ لابَةٌ. أو «لابَتَيْهَا» مِن جِهَةِ الجَنُوبِ والشَّمالِ، و «جَبَلَيْهَا» مِن جِهَةِ المَشْرِق والمَغْرِبِ، وعاكَسَه فى «المُطْلِعِ». وأمَّا رِوايَةُ «مَأْزِمَيْهَا»، فالمَأْزِمُ، المَضِيقُ بينَ الجبَلَيْن، وقد يُطْلَقُ على الجَبَلِ نفسِه.
(١) أحمد بن عبد الله بن محمد الطبري، محب الدين، أبو العباس. إمام حافظ فقيه، شيخ الحرم، له «السمط الثمين فى مناقب أمهات المؤمنين» وغيره. توفى سنة أربع وتسعين وستمائة. الأعلام ١/ ١٥٣.