فوائد؛ الأولَى، مَكَّةُ أفْضَلُ مِنَ المدِينةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونَصَره القاضى وأصحابُه وغيرُهم. وأخذَه مِن روايَةِ أبى طالِبٍ، وقد سُئِلَ عن الجِوارِ بمَكَّةَ، فقال: كيف لنا به؟ وقد قال النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكِ لَأحَبُّ البِقَاعِ إلَى اللهِ، وإنَّكِ لَأحَبُّ البِقَاعِ إلَىَّ»(١). وعنه، المدِينَةُ أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى «الفُنونِ»: الكَعْبَةُ أفْضَلُ مِن مُجَرَّدِ الحُجْرَةِ، فأمَّا وهو فيها، فلا والله وِلا العَرْشُ وحمَلته والجَنَّةُ؛ لأنَّ بالحُجْرَةِ جسَدًا لو وُزِنَ به لرجَح. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ كلامُ الأصحابِ، أنَّ التُرْبَةَ على الخِلافِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا أعلَمُ أحَدًا فضَّلَ التُّرْبَةَ على الكَعْبَةِ إلَّا القاضِىَ عِيَاضًا، ولم يَسْبِقْه أحدٌ. وقال فى «الإرْشَادِ» وغيرِه: محَلُّ الخِلافِ، فى المُجاوَرَةِ، وجَزمُوا بأَفضَلِيَّةِ الصَّلاةِ وغيرِها فى مَكةَ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين وغيرُه. قال فى «الفُروعِ»: وهو ظاهِرٌ. ومَعْنَى ما جَزَم به فى «المُغنِى» وغيرِه، أنَّ مَكَّةَ أفْضَلُ، وأنَّ المُجاوَرَةَ بالمَدِينَةِ أفْضَلُ. الثَّانيةُ، تُسْتَحَبُّ المُجاوَرَةُ بمَكَّةَ، ويجُوزُ لمَن هاجرَ منها المُجاوَرَةُ بها. ونقَل حَنْبَلٌ، إنَّما كَرِهَ عمرُ، رَضِىَ الله عنه، الجِوَارَ بمَكَّةَ لمَن هاجَرَ منها. قال فى «الفُروعِ»: فيَحْتَمِلُ القَوْلُ به، فيكونُ فيه رِوايَتان. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، رَحِمَه الله: المُجاوَرَةُ فى مَكانٍ يتَمَكَّنُ فيه إيمَانُه وتقوَاه، أفْضَلُ حيثُ كان. انتهى. الثَّالثةُ، تُضاعَفُ الحسَنَةُ والسَّيِّئَةُ بمَكانٍ أو زَمانٍ فاضِلٍ. ذكَرَه القاضى وغيرُه، وابنُ الجَوْزِىِّ، والشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ.
(١) أخرجه الترمذى، فى: باب فى فضل مكة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٨٠. وابن ماجه، فى: باب فضل مكة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٧. والدارمى، فى: باب إخراج النبى - صلى الله عليه وسلم - من مكة، من كتاب السير. سنن الدارمى ٢/ ٢٣٩.