المُكاتِبُ نفْسُه، لم يصِح، وإلَّا صحُّ. ومنها، هل يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ على الجُعْلِ في الجَعالةِ قبَل العَملِ؟ على وَجْهَين. وأطْلَقَهما في «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»، و «النَّظْمِ»؛ أحدُهما، لا يصِحُّ. وهو المذهبُ. جزَم به في «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»، و «الحاويَيْن»، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ». وقدَّمه في «الفُروعِ»، و «الفائقِ»، و «الكافِي»، و «المُغْنِي»، و «الشَّرْحِ»، وقالا: هذا أوْلَى. والوَجْهُ الثَّاني، يصِحُّ. وهو احْتِمالٌ للقاضي. وأمَّا بعدَ العَمَلِ، فيَصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ، قوْلًا واحدًا. ومنها، هل يصِحُّ أخْذُ الرَّهْنِ على عِوَضِ المُسابقَةِ؟ فالصَّحيحُ مِن المذهبِ، أنَّه لا يصِحُّ، وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّها جَعالةٌ، ولم يُعْلَمْ إفْضاؤُها إلى الوُجوبِ. وقال بعضُ الأصحابِ: فيها وَجْهان؛ هل هي إجارَةٌ، أو جَعالةٌ؟. فإنْ قُلْنا: هي إجارَةٌ. صحَّ أخْذُ الرَّهْنِ بعِوَضِها. وقال القاضي: إنْ لم يكُنْ فيها مُحَلِّلٌ، فهي جَعالةٌ، وإنْ كان فيها مُحَلِّلٌ، فعلى وَجْهَين. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وهذا كلُّه بعيدٌ. ذكَروه في آخِرِ السَّلَمِ. السَّادسةُ، لا يصِحُّ الرَّهْنُ بعُهْدَةِ المَبِيعِ، ولا بعِوَضٍ غيرِ ثابِتٍ في الذِّمَّةِ، كالثَّمَنِ المُعَيَّنِ، والأُجْرَةِ المُعَيَّنَةَ في الإِجارَةِ، والمَعْقُودِ عليه في الإِجارَةِ، إذا كان مَنافِعَ مُعَيَنَّةَ، مثْلَ إجارَةِ الدَّارِ، والعَبْدِ المُعَيَّنِ، والجَمَلِ المُعَيَّنِ مُدَّةً معْلُومَةً، أو لحَمْلِ شيءٍ مُعَيَّنٍ إلى مَكانٍ مَعْلُومٍ. فأمَّا إنْ وَقعَتِ الإِجارَةُ على مَنْفَعَةٍ في الذِّمَّةِ، كخِياطَةِ ثَوْبٍ، وبِنَاءِ دارٍ، ونحو ذلك، صحَّ أخْذُ الرَّهْنِ عليه. السَّابعةُ، يصِحُّ عَقْدُ الرَّهْنِ مِن كلِّ مَن يصِحُّ بَيعُه. قال في «التَّرْغِيبِ» وغيرِه: وصحَّ تَبَرُّعُه. وفي «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه، لوَلِيٍّ رَهْنُه عندَ أمِينٍ لمَصْلَحَةٍ، كحِلِّ دَينٍ عليه. قال في «الرِّعايَةِ»: يصِحُّ ممَّن له بَيعُ مالِه، والتَّبَرُّعُ به، فلا يصِحُّ مِن سَفِيهٍ، ومُفْلِسٍ، ومُكاتَبٍ، وعَبْدٍ -ولو كان مأْذُونًا