وقدَّمه في «المُسْتَوْعِبِ»، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى». وأطْلَقهما في «النَّظْمِ»، و «الفُروعِ». قال الحارِثِي: ويدْخُلُ على الأوَّلِ الوَصِيَّةُ بالمَنْفَعَةِ، وليس بإعارَةٍ. وقال: الفَرْقُ بينَ القَوْلَين، أنَّ الهِبَةَ تَمْلِيكٌ يَسْتَفِيدُ به التَّصَرُّفَ في الشَّيءِ، كما يسْتَفِيدُ فيه بعَقْدِ المُعاوَضَةِ. والإِباحَةُ؛ رَفْعُ الحَرَجِ عن تَناوُلِ ما ليس مَمْلُوكًا له. فالتَّناوُلُ مُسْتَنِدٌ إلى الإِباحَةِ، وفي الأوَّلِ مُسْتَنِدٌ إلى المِلْكِ. وقال في تَعْليلِ الوَجْهِ الثاني: فإنَّ المَنْفَعَةَ لو مُلِكَتْ بمُجَرَّدِ الإعارَةِ، لاسْتَقَلَّ المُسْتَعِيرُ بالإجارَةِ والإعارَةِ، كما في المَنْفَعَةِ المَمْلوكَةِ بعَقْدِ الإِجارَةِ.
تنبيه: قال الحارِثِيُّ: تعْريفُ المُصَنِّفِ للعارِيَّةِ بما قال، توَسُّعٌ لا يَحْسُنُ اسْتِعْمالُه في هذا المَقامِ؛ إذِ «الهِبَةُ»، مَصْدَرٌ، والمَصادِرُ ليستْ أعْيانًا. والعارِيَّة نفْسُ العَينِ، وليستْ بمَعْنَى الفِعْلِ. قال: والأوْلَى إيرادُ التَّعْريفِ على لَفْظِ «الإِعارَةِ»، فيُقالُ: الإِعارَةُ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ.
قوله: تَجُوزُ في كل المنَافِعِ إلا مَنافِعَ البُضْعِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ في الجُمْلَةِ. وجزَم به في «الهِدايَةِ»، و «الفُصولِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «التَّلْخيصِ»،