قولُه: وَلَا تَطْهُرُ الأدهانُ النَّجِسةُ. هذا المذهبُ مُطْلقًا، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو الخَطَّابِ: يَطْهُرُ بالغَسْلِ منها ما يَتأتَّى غَسْلُه؛ مثلَ أنْ تُصَبَّ في ماءٍ كثيرٍ وتُحَرَّكَ، ثم تتركَ حتى تَطْفُوَ فتُؤخَذَ، ونحوُ ذلك. وهو تَخْرِيجُ «الكافِي»، ذكَرَه في كتابِ البَيعِ. وجزَم به في «الإفاداتِ». وقيل: يَطهُرُ زِئبَقٌ بالغَسْلِ؛ لأنه لقُوَّتِه وتماسُكِه يُجْرَى مُجْرَى الجامد. قاله ابنُ عَقِيلٍ، في «الفُصولِ»، واقْتصَرَ عليه جماعة. وقطَع به في «المُذْهبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ». فيُعايىَ بها. فعلَى المذهبِ، لا يَجوزُ تَطْهيرُه. ذكَرَه في «الترغِيبِ»، وغيرِه. ويأتِي في كتابِ البَيع ما يَتَعَلَّقُ ببَيعِه.
فوائد؛ منها، تقدَّم في كتابِ الطهارةِ الخِلافُ في تَنْجيس المائِعاتِ بمُلاقَاةِ النَّجاسةِ، فلو كان جامِدًا، أُخِذَتْ منه النَّجاسةُ وما حوْلَها، والباقِي طاهِر. وحدُّ الجامدِ، ما لم تَسْرِ النَّجاسةُ فيه، على الصّحيحِ. جزَم به في «المُغْنِي»، و «الشرحِ»، و «ابنِ رَزِين»، وغيرِهم. وصَحَّحَه ابنُ تَميم، وغيرُه. وقال ابنُ عَقِيل: حدُّه ما لو كُسِرَ وعاؤه لم تَسِلْ أجْزاوه. ورَدَّه الأصحابُ. وقال في «الفائقِ»: قلتُ: ويَحتَمِلُ ما لو قُوِّرَ لم يَلْتَئِم حالًا. ولا يَطهرُ ما عَدا الماء والأدهان مِنَ المائعاتِ بالغَسْلِ، سِوَى الزئْبَقِ، على ما تقدَّم، فلا يَطهُرُ باطِنُ حب نُقِعَ في نَجاسَةٍ بتَكْرارِ غَسْلِه وتَجْفيفِه كلَّ مرَّةٍ، على الصَّحيحِ مِنَ المَذهبِ، كالعَجِينِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَطهُرُ. قال في «الفائقِ»: واخْتارَه صاحِبُ «المُحَرَّرِ»، وهو المُخْتارُ. ومثلُ ذلك خِلافًا ومذهبًا، الإناءُ إذا تَشَرَّبَ نَجاسَةً، والسكينُ إذا أُسْقِيَتْ ماءً نَجِسًا، وكذلك اللَّحمُ إذا طُبِخَ بماءٍ نَجِس، على