تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ كلامِ المُصَنفِ، صِحَّةُ الهِبَةِ بمُجَرَّدِ العَقْدِ. وهو المذهبُ، وعليه جماهِيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ وطائفَةٍ، أنَّ ما يُكالُ ويُوزَنُ لا يصِحُّ إلَّا مَقْبوضًا. قال الخِرَقِيُّ: ولا تصِحُّ الهِبَةُ والصَّدقَةُ، فيما يُكالُ ويُوزَنُ، إلَّا بقَبْضِه. قال في «الانْتِصارِ»، في البَيعِ بالصفَةِ: القَبْضُ رُكْنٌ في غيرِ المُتَعَيِّنِ، لا ينبَرِمُ العَقْدُ بدُونِه. نقَلَه الزَّرْكَشِيُّ، وصحَّحه الحارِثِيُّ. ويأْتِي كلامُ ابنِ عَقِيلٍ قَرِيبًا. الثَّاني، قوْلُه في المَكِيلِ والمَوْزونِ: لا تَلْزَمُ فيه إلَّا بالقَبْضِ. مَحْمولٌ على عُمومِه في كلِّ ما يُكالُ ويُوزَن. قال الشَّارِحُ، والمُصَنِّفُ: وخصَّه أصحابُنا المُتأَخِّرون بما ليس بمُتَعَيِّنٍ فيه؛ كقَفِيرٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْلٍ مِن دَنٍ (١). قال: وقد ذكَرْنا ذلك في البَيعِ، ورَجَّحْنا العُمومَ. قال في «الفُروعِ»: وعنه، تَلْزَمُ في مُتَمَيِّزٍ بالعَقْدِ. قال الزَّرْكَشِيُّ: هِبَةُ غيرِ المُتَعيِّنِ؛ كقَفِيرٍ مِن صُبْرَةٍ، ورَطْل مِن زُبْرَةٍ، تفْتَقِرُ إلى القَبْضَ، بلا نِزاعٍ.