للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيجب أن تصعد أعمالها إلى هذا المستوى، مميزة بين الأعمال التي تتصل ببناء حضارة إفريقية، وتلك التي تبعث بإشعاع تلك الحضارة خارج حدودها.

والنظر في التخطيط العالمي الذي يجب أن تندمج فيه الثقافة الإفريقية يكشف عن ناحيتين، فإنه يوجد نوعان من الناس يختلفان اجتماعياً: نوع كان أو لايزال مستعمَراً، ونوع كان ولا يزال مستعمِراً.

وجميع المشكلات الكبرى للعالم الراهن ترد نفسياً وسياسياً واقتصادياً إلى هذا النظام الثنائي الذي خلفه لنا القرن التاسع عشر، بل إن مشكلة العلاقات الداخلية لكلا النوعين هي فعل أو رد فعل لهذا النظام، فإن السباق الخطر في مجال القوة بين الدول المتقدمة، من أهدافه الرقابة على الجماهير، وعلى المساحات التي تملكها الشعوب المتخلفة، وهذه الشعوب الأخيرة بدورها قد مزقتها الأحلاف التي تربطها عسكرياً وسياسياً بالشعوب المتقدمة، فضلاً عن أن بينها أحقاداً مستحكمة، وأحقاداً أخرى تبعث بها هذه الشعوب عبر حدودها إلى البقعة المتحضرة من هذا العالم، وفي هذا كله تحميل لمشكلة السلام أثقالاً مع أثقالها.

وهكذا نرى القرن العشرين يضع قضاياه Thèses في مواجهة ما خلفه لنا القرن التاسع عشر من مناقضات (الاستعمار) Antithèses، فنحن نعيش هذا الصراع اليوم في جميع أشكاله في انتظار ساعة (التركيب Synthèses) التي تصهر النزعتين في السلام العالمي.

ويبدو أن هذه الساعة قد آذنت في مؤتمر باندونج، لو أن التاريخ يحقق مشاريعه. فهذا كله في جملته هو التخطيط العالمي الذي ينبغي أن تندمج فيه الثقافة الإفريقية.

أما المهام التي ينبغي أن تواجهها الثقافة الإفريقية داخل هذا التخطيط فإنها تتألف من قضايا ثلاث هي:

<<  <   >  >>