لكن القرن التاسع عشر قد أحدث تقدماً في مفهوم كلمة (ثقافة)، أي أنه قد أحد خطوة في طريق تطوير تعريفها.
فعلم الوقائع الاجتماعية قد بدأ بـ (أوجست كونت) الذي يعدونه أباً لعلم الاجماع، والواقع أن ابن خلدون كان قد وضع معالم الطريق، فقبل ظهوره كان التاريخ ضرباً من (الأحداث المتتابعة)، حتى إذا جاء وجدناه يخلع على التاريخ نظرة جديدة، فهو حين وصله بمبدأ السببية أدرك بتلك النظرة معنى تتابع الأحداث من حيث كونه عملية تطور، كما حدد معنى الواقع الاجتماعي من حيث كونه مصدراً لتلك الأحداث ولتطورها.
ومع ذلك فإن القرن التاسع عشر قد شهد حقلاً من حقول الدراسة أكثر اتساعاً، ووسائل للبحث والتحقيق أخصب وأكثر تنوعاً.
فعلم الإنسان وعلم الأجناس وعلم النفس والاقتصاد السياسي، تتلاقى أضواؤها جميعاً وتتركز في نقطة واحدة هي الواقع الاجتماعي، فهي تتناوله بطريقة أعظم اتساعاً وعمقاً.
وإذا بفكرة (ثقافة) تزداد جلاء في هذا المجال المضيء، وتصبح مفهوماً أكثر تحديداً، بحيث أصبحت إحدى مشكلات علم الاجتماع، وآن الأوان ليثور في أذهان المفكرين سؤال هو: ما هي الثقافة؟.
وهو سؤال اضطرتهم إليه الأفكار الجديدة التي حملها إليهم، علم النفس وعلم