ليس في مقدورنا اليوم أن نعالج موضوعاً كهذا، دون أن نجد أنفسنا- في حالة التطور الراهنة في العالم العربي - أمام مشكلة لغوية وتاريخية.
فمن أين جاءت كلمة (ثقافة) ومنذ متى استخدمت في اللغة العربية؟
إن أول فكرة تخطر لنا للإجابة عن سؤال كهذا هي أن نستشير قاموساً، ولكن القواميس الموجودة بين أيدينا لا تذكر هذه الكلمة إلا لماماً، سواء في ذلك القديمة والحديثة. فلسان العرب يقول في المجلد العاشر:((يقال ثقف الشيء وهو سرعة التعلم))، ويقول ابن دريد:((ثقفت الشيء حذقته))، وفي حديث الهجرة:((هو غلام شاب لقن ثقف)) [رواه البخاري]، أي ذو فطنة وذكاء، والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه.
والعلامة فريد وجدي يقول في (دائرة معارف القرن العشرين/ المجلد الثاني): " ثقِف يثقف ثقافة: فطن وحذق، وثقف العلم في أسرع مدة أي أسرع أخذه، وثقفه يثقفه ثقفاً: غلبه في الحذق، والثَّقيف: الحاذق الفطن)).
والقواميس الحديثة تقول:((ثقف ثقافة: صار حاذقاً خفيفاً، وثقف الكلام فهمه بسرعة)).
وفي هذه النصوص من التشابه ما يدعونا إلى أن نعدها نسخاً مكررة نقل بعضها عن بعض.