تركيب ثقافتين هما: الثقافة الإسلامية والثقافة الهندية من أجل تحديد عمل ثقافي على مستوى إفريقي آسيوي.
فليس هن العبث إذن أن نضيف هذا الفصل في دراستنا هذه، كيما نمنح القارئ فرصة مطالعة مشكلة الثقافة من هذا الجانب، وحتى يلم أيضاً بفكرة أوضح عن نشاط ثقافة ما على حدود رقعتها. وبعد أن يقرأ ما قيل عن نوعية الثقافة وعن وجودها الخاص، سيكون في وسعه أن يفهم بسهولة أن كلمة (تركيب) قد استخدمت هنا في معناها الواسع الذي يعني (التعايش)، حتى لا نقع فيما وقع فيه الإمبراطور (أكبر) حين حاول استحداث (تلفيق) قصد به أن يكون (تركيباً).
فكل ما يرجى من الثقافات التي مثِّلَتْ في باندونج، هو أن تتعايش وأن تعمل متعاونة على طول المحور من طنجة إلى جاكرتا.
وسيتضح من الفصل التالي في أي الظروف يمكن أن يتم هذا العمل في رقعة معينة.
[تعايش ثقافي على محور طنجة - جاكرتا]
تدلنا الدراسة المنهجية لمؤتمر باندونج على أنَّ المشكلة الجوهرية التي احتوتها روحه- وإن لم تعبر عنها مناقشاته- إنما كانت مصير الإنسان الأفرسيوي. وبعبارة أكثر تحديداً: مصير الشعوب المتخلفة التي تمتد رقعة سكناها على محور جغرافي من طنجة إلى جاكرتا.
لكن الأمر على ما صورناه في غير هذا المكان، يتلخص في ((أن كل تفكير في مشكلة الإنسان هو تفكير في مشكلة الحضارة (١)))، ولو أردنا محاكاة هذه الجملة
(١) انظر كتاب (فكرة الإفريقية الأسيوية) في الفصل المعنون (مشكلة الإنسان الأفرسيوي).