بصورة أخرى- مع اعتبار ما بين الحضارة والثقافة من ربط وثيق- لقلنا:((إن أي تفكير في مشكلة الحضارة هو في جوهره تفكير في مشكلة الثقافة))، وبذلك تكون الحضارة في جوهرها عبارة عن مجموع من القيم الثقافية المحققة. وإذن فمصير الإنسان رهن دائماً بثقافته.
ومع ذلك فإن (باندونج) حين جمعت عناصر المشكلات العضوية الخاصة بالشعوب الأفرسيوية، قد دفعت المشكلة ضمناً إلى ضوء هو الذي نعالجها فيه هنا، على الرغم من أن تقارير الصحافة قد أكثرت في إلحاحها على الجوانب السياسية في المناقشات.
لكن منظمة اليونسكو لم يَفُتْها أن تخص الجانب الذي يهمنا بتقرير ذكرت فيه أن:((المؤتمر الأفرسيوي قد أزمع نشر مجموعة من الدراسات عن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية في البلدان المشتركة فيه)).
وبقي علينا أن نعرف في أي الظروف يمكن لهذا التبادل في المعلومات أن يكون الأسس الثقافية للفكرة الأفرسيوية، وفي أي الظروف يمكننا عن طريق هذا التبادل أن نحدد طبيعة الثقافة، وأن ننشئ عناصرها من تغيير ظروف (البقاء) لدى الشعوب الأفرسيوية.
حقاً .. إن التبادل ضروري ولكن هل هو كاف؟
وسيكون لدينا في هذا الشأن مقياس متمثل في النموذج الغربي، فعلى محور واشنطن - موسكو حتى طوكيو، نجد أن المشكلات العلمية والعقلية والاجتماعية متحدة من طرف إلى آخر، بل على الرغم من التوتر السياسي بين الطرفين فإن التبادل الثقافي يتم في نطاق علاقة حضارية واحدة، حتى في المجال الذري، كما رأينا منذ مؤتمر جنيف.