ولكن جميع هذه الإجابات لا تكون صادقة إلا لأنها تعبر عن سلوك عام يؤدي إلى (الثقافة الشيوعية) التي نتصورها في شكلها الأعم، الذي سميناه في تعريف الثقافة (المحيط) الاجتماعي.
وعليه فإن فكرة المحيط تدخل في كل عمل فردي أو إداري في وسط متحضر، ولكنها تدخل ضمناً فقط- كما رأينا- لا على وجه التحديد، الذي نريد القيام به هنا حين نتحدث عن أحد مقومات الثقافة وهو: الجمال.
والإطار الحضاري بكل محتوياته متصل بذوق الجمال، بل إن الجمال هو الإطار الذي تتكون فيه أية حضارة، فينبغي أن نلاحظه في أنفسنا، كما ينبغي أن نتمثل في شوارعنا وبيوتنا ومقاهينا، مسحة الجمال التي يرسمها مخرج رواية في منظر سينمائي أو مسرحي.
يجب أن يثيرنا أقل نشاز في الأصوات وفي الروائح وفي الألوان، كما يثيرنا منظر مسرحي سيئ الأداء.
إن الجمال هو وجه الوطن في العالم، فلنحفظ وجهنا لكي نحفظ كرامتنا، ونفرض احترامنا على جيراننا الذين ندين لهم بالاحترام نفسه.
[المنطق العملي]
لسنا نعني بالمنطق العملي ذلك الشيء الذي دونت أصوله ووضعت قواعده منذ أرسطو، وإنما نعني به كيفية ارتباط العمل بوسائله ومقاصده، وذلك حتى لانستسهل أو نستصعب شيئاً دون مقياس، يستمد معاييره من الوسط الاجتماعي وما يشتمل من إمكانيات؛ وليس من الصعب على الفرد المسلم أن يصوغ مقياساً نظرياً يستخرج به نتائج من مقدمات محددة، غير أنه من النادر جداً أن يعرف المنطق العملي، أي استخراج أقصى ما يمكن من الفائدة من وسائل معينة.