يبغض أولئك الذين يفكرون تفكيراً مؤثراً، ويقولون كلاماً منطقياً من شأنه أن يتحول في الحال إلى عمل ونشاط.
ومن هنا يأتي عمقنا الاجتماعي، فنحن حالمون ينقصنا المنطق العملي، ولننظر إلى الأم التي تريد أن تربي ولدها، فهي إما أن تبلده بمعاملة أم متوحشة، وإما أن ترخي له العنان وتتميع معه، فإذا أبدت إشارة أو أصدرت أمراً شعر الطفل بتفاهة إرادتها فلم يعبأ بها، إذ أن الوهن والسخف يطبعان منطقها حتى في عين الصبي المسكين.
[التوجيه الفني أو الصناعة]
لا نعني بالصناعة ذلك المعنى الضيق المقصود من هذا اللفظ بصفة عامة في البلاد الإسلامية، فإن كل الفنون والمهن والقدرات وتطبيقات العلوم تدخل في مفهوم الصناعة.
والراعي نفسه له صناعته، ومما يدلنا على القيمة الاجماعية لهذه الحرفة المتواضعة الزهيدة، أن لها مدرسة أهلية في فرنسا بمدينة (رامبوليه) إحدى ضواحي باريس، فلو رأينا الراعي الخريج في هذه المدرسة والراعي العربي يقود كل منهما قطيعه لعلمنا أي فرق بينهما؟
ومن المسلم به أن الصناعة للفرد وسيلة لكسب عيشه وربما لبناء مجده، ولكنها للمجتمع وسيلة للمحافظة على كيانه واستمرار نموه؛ وعليه فيجب أن نلاحظ في كل فن هذين الاعتبارين.
وإنا لنرى في هذا الباب ضرورة إنشاء مجلس للتوجيه الفني، ليحل نظرياً وعملياً المشكلة الخطيرة للتربية المهنية تبعاً لحاجات البلاد، وقد بدأ الأخذ بهذا الاتجاه في الجمهورية العربية المتحدة (١) الان.