هذا الحل المنطقي لمشكلة التوجيه الفني هو الذي يتيح لرجل الفطرة ورجل القلة (١)(المدينة) أن يَلِجَا معاً باب الحضارة التي بدأت فعلاً، ولكنها واقفة في مفترق الأقدار وفي مهب الأهواء والمبادئ قلقة لا تعرف لنفسها طريقاً.
ولسوف تخيب آمالنا التي عقدناها إذا ما عولنا في قضيتنا على العلم الذي نتعلمه في المدارس الرسمية أو غير الرسمية، أو على ما تعدنا به السياسات الانتخابية؛ وما تعدنا إلا غروراً.
ولقد نعلم أن الحل الوحيد منوط بتكوين الفرد الحامل لرسالته في التاريخ، فقد صار مؤكداً أن التركة الكبرى التي ورثنا عنها جيلاً من (المتعالمين)، وورثنا عنها التنافس على المقاعد الأولى، حتى لجان الإنقاذ في كارثة فلسطين في البلاد الإسلامية؛ كل هذه الفضائح التي يغذيها الاستعمار بكل عناية، لا يمكن أن نضع لها حداً إلا بتحديد الثقافة.
وإن الإمكانيات البسيطة في البلاد الإسلامية لتسمح لنا بأن نحقق هذا التحديد سريعاً، وأن نكون القيادة الفنية التي نحتاج إليها الآن.
(١) يقصد المؤلف بهذه الكلمة الرجل الذي اختلط بحياة المدن فقللت من مقوماته الفطرية، على حين لم يظفر بمقومات الحضارة الحقة. (المترجم)