لقد أردنا في هذه الصفحات أن يلمّ القارئ العربي في نظرة واحدة بمشكلة الثقافة من جوانبها الكلاسيكية، مع جانب من وجهات نظر جديدة يجدها هنا، ومع ذلك فسيلحظ القارئ أننا حتى في عرضنا للجوانب الكلاسيكية قد طبقنا منهجاً جديداً في الدرس والتحليل، كما ندرك العناصر الأولية في الثقافة إدراكاً أكثر تعمقاً.
والواقع أن التحليل النفسي الذي طبقناه في الفصل الأول قد كشف لنا بصورة ما عن ذرات هذه العناصر، كما أعطانا فكرة عن طريقة تحللها في ذاتية الفرد، ليتم عن طريق هذا التحلل تحديد طابعه الثقافي.
حتى إذا استوفينا هذا البحث قمنا بخطوة أخرى في اتجاه معكوس، فعرضنا منهجاً للتركيب النفسي يتفق وما نقصد إليه من تحويل العناصر التي كشف عنها التحليل، إلى برنامج تربوي يمكن تطبيقه في ميدان التعليم.
بيد أن هذا التحليل قد وضعنا في الوقت ذاته في مواجهة جانب آخر من جوانب المشكلة، ذي مغزى غير منتظر ولا متوقع، وذلك بسبب ما يلابسها من ظروف دولية، فإن قولنا إن لمشكلة الثقافة في مجتمع معين نوعيتها يمنعنا أن نستورد لها حلاً طبّقه مجتمع آخر، دون أن نحتفظ في النقل أو الاستيراد سواء تقلد هذا الحل صبغة شيوعية أو تقليداً غربياً.
وليس مبنى هذه الملاحظة قائماً على اعتبارات دينية أو سياسية، بل هي