قائمة على اعتبارات فنية خالصة كما رأينا، وهي تدل ضمنا على أن هناك لواقعنا أساساً ثقافياً عربياً إسلامياً لا يمكن إعادة بناء حضارتنا على سواه.
ومن ناحية أخرى لقد غذت الاعتبارات التي قدمناها- فيما أعتقد- الموضوع برأي جديد، على الأقل بالنسبة للشباب العربي الذي أتوجه إليه في هذه الدراسة، وذلك الرأي هو- دون ريب- ما عالجناه في فصل (تعايش الثقافات).
كما كان من المفيد قطعاً أن ننظر إلى مشكلة الثقافة من زاوية عالمية.
ولعل القارئ قد أدرك أننا حين تحدثنا عن هذه الزاوية بصدد حديثنا عن الثقافة الإفريقية، وحين بيّنا الشروط اللازمة لكي تؤدي دوراً كهذا، إنما كنا نهدف من باب أولى إلى بيان أن الثقافة العربية الإسلامية يمكنها أن تقوم به، لأنها قد قامت به في الماضي فعلاً، عندما كانت تهدي بإشعاعها من مراكزها في القاهرة وبغداد وقرطبة موكب التقدم الروحي والعقلي للإنسانية.
وبهذا فهي قادرة وجديرة بأن تنهض اليوم بدورها بصفتها (ثقافة كبرى) في العالم.
فإذا ما أدرك المثقف العربي المسلم مشكلة الثقافة من هذه الزاوية، فسوف يمكنه أن يدرك حقيقة الدور الذي يناط به في حضارة القرن العشرين.