والمسلم يتصرف في أربع وعشرين ساعة كل يوم، فكيف يتصرف فيها؟. وقد يكون له نصيب من العلم أو حظ من المال، فكيف ينفق ماله ويستغل علمه؟
وإذا أراد أن يتعلم علماً أو حرفة، فكيف يستخدم إمكانياته في سبيل الوصول إلى ذلك العلم أو تلك الحرفة؟.
إننا نرى في حياتنا اليومية جانباً كبيراً من (اللافاعلية) في أعمالنا، إذ يذهب جزء كبير منها في العبث وفي المحاولات الهازلة.
وإذا ما أردنا حصراً لهذه القضية فإننا نرى سببها الأصيل في افتقادنا الضابط الذي يربط بين الأشياء ووسائلها وبين الأشياء وأهدافها، فسياستنا تجهل وسائلها، وثقافتنا لا تعرف مثلها العليا وفكرتنا لا تعرف التحقيق، وإن ذلك كله ليتكرر في كل عمل نعمله وفي كل خطوة نخطوها.
ولقد يقال: إن المجتمع الإسلامي يعيش طبقاً لمبادئ القرآن، ومع ذلك فمن الأصوب أن نقول: إنه يتكلم تبعاً لمبادئ القرآن لعدم وجود المنطق العملي في سلوكه الإسلامي.
ونظرة إلى واقعنا لنرى الرجل الأوروبي والرجل المسلم: أيهما ذو نشاط وعزم وحركة دائبة؟.
ليس هو الرجل المسلم بكل أسف، وهو الذي يأمره القرآن- كما يعرف ذلك تماماً- بقوله تعالى:{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ}[لقمان ٣١/ ١٩]، وقوله:{وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا}[لقمان ٣١/ ١٨].
ألم نقل: إن الذي ينقص المسلم ليس منطق الفكرة ولكن منطق العمل والحركة، وهو لا يفكر ليعمل بل ليقول كلاماً مجرداً، بل إنه أكثر من ذلك