للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الممكنة. ومن المؤكد أننا لن نأتي له بثوب آخر، فنحن نريد أن نخلصه من قبحه في سعة ويسر؛ بأن نأخذ بيده إلى الماء فننزع عنه مرقعاته ونأمره بأن يقوم بغسل واحدة منها ذات لون أقرب إلى الذوق، قطعة تكفي لستر عورته، يغسلها ثم يرتديها بعد أن يغتسل هو أيضا مما به من وسخ، ثم نقتاده إلى حلاق يحلق له رأسه ونتركه بعد ذلك يسير في حاله، بعد أن نعلمه كيف يقصد في مشيته وكيف لا يطأطئ رأسه، بهذا لا يظل كومة متحركة من الأوساخ، بل يصبح طفلاً فقيراً يسعى لقوته تجد فيه صورة للفقر والكرامة لا للقبح والمهانة.

ولا يظنن ظان أننا بإيرادنا هذا المثل نرى أن ذوق الجمال يسعى لحل مشكلات المساكين فحسب، بل أردنا التدليل على تأثيره في المجتمع باختيار نموذج من صميم أوضاعنا الاجتماعية، أما تأثيره فعام يمس كل دقيقة من دقائق الحياة كذوقنا في الموسيقا والملابس والعادات وأساليب الضحك والعطاس، وطريقة تنظيم بيوتنا وتمشيط أولادنا ومسح أحذيتنا وتنظيف أرجلنا.

لقد صدرت بعض الأوامر في مدينة موسكو- نقلتها إلينا الصحافة- تلزم سكانها بأن يرعوا في يقظة نظافة مدينتهم، وإلا فهم مهددون بفرض غرامة تبدأ من خمسة وعشرين إلى مئة روبل على كل من يبصق في الشارع، أو يلقي بأعقاب (السجائر) على الرصيف، أو يعلق ملابسه في الشباك المطل على الشارع، أو يلصق إعلانات على الحوائط، أو من يركب السيارات العامة بملابس العمل المتسخة.

فلو أننا سألنا عمدة موسكو مثلاً عن السبب الذي دعا إلى مثل هذه الأوامر لأجابنا بأنه: النظام ... ، ويجيب طبيب من وجهة نظره بأنه: الصحة .. ، وثالث فنان يذهب إلى أنه: جمال المدينة.

وكل إجابة من هذه الإجابات صادقة بوصفها سلوكاً يمليه وضع خاص،

<<  <   >  >>