ولايزال السلام في البلاد المتحضرة يعد نتيجة لحرب ظافرة، وليس نتيجة لتخطيط صالح للحياة الدولية، تحت رقابة فعالة من الضمير العالمي؛ ففكرة السلام لم تحقق حتى الآن استقلالها وشخصيتها الخاصة، وهي تدين في خضوعها هذا للثقافة الإمبراطورية التي لا ترى السلام إلا حيثما يكون مؤيداً بالسلاح.
فالثقافة الحضارية ينبغي أن تعطي لفكرة السلام شخصيتها الحقيقية، بأن تضعها منذ الآن تحت ضمان المبادئ.
إن على الثقافة الإفريقية أن تتحدد بالنسبة لهذه القضية طبقاً لبعض المبادئ كالتي قررها مؤتمر باندونج، وإذا ما دان الكتّاب الإفريقيون بهذه المبادئ فخصصوا قسطاً من إنتاجهم لمشكلة السلام، فسوف نرى يوماً يبتدع فيه أطفال إفريقية لعباً أوحى إليهم بها السلام.
وأخيراً فإنه إذا ما كتب للثقافة الإفريقية أن تواجه هذه المهام الثلاث التي ألقينا عليها بعض الأضواء، فإن من حقها على التاريخ أن تحظى لديه بلقب (ثقافة كبرى)، لأنها تكون حينئذ قد أسهمت في تشييد عصر إنساني شامل في العالم.