للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

- على الرغم من أنها لا تقدّر بثمن- ليست في الحقيقة حلاً لمشكلتنا، فإن للمشكلات الاجتماعية نوعيتها التاريخية، وهذا يعني أن ما يصلح لمجتمع معين في مرحلة معينة من تاريخه، قد تنعدم فائدته تماماً بالنسبة له في مرحلة أخرى.

وذلك هو ما عبر عنه (لنتون) و (أوجبرن) بصورة غير مباشرة، عندما تحدثا عن جانب (تطور الثقافة)، وهو ما أراد (ماوتسي تونج) قوله أيضاً، وبصورة أكثر تحديداً عندما سجل في كتابه هذه العبارة:

((ورب شيء جديد في مرحلة تاريخية معينة يصبح قديماً في مرحلة تاريخية أخرى)) (١)

فلو صح هذا بالنسبة لمجتمع واحد معين في حقبتين مختلفتين من تاريخه، فكم يكون صحيحاً بالنسبة لمجتمعين مختلفين، قد اختلف فيهما أيضاً عمر التطور الاجتماعي.

ولهذا نستطيع أن نقرر بصفة عامة أن من الخاطرة أن نقتبس حلاً أمريكياً أو حلاً ماركسياً، كما نطبقه على أية مشكلة تواجهنا في العالم العربي والإسلامي، لأننا هنا أمام مجتمعات تختلف أعمارها أو تختلف اتجاهاتها وأهدافها.

لكن هناك نتائج فنية تنبع من هذه النوعية التاريخية، وهي نتائج تتصل بطريقة مواجهة المشكلة التي تؤتر على طبيعة الحل.

فالواقع أننا لو تأملنا من قريب تعريف (لنتون) و (أوجبرن)، فسنجد فيهما- على الرغم من اختلافهما المذهبي- نظرة متجهة إلى واقع الأشياء، هو واقع الولايات المتحدة الأمريكية، أي واقع مجتمع له عمره ونموه؛ فلنا أن نعد تعريفهما نوعاً من التصور الإقليمي، أعني أنه فكرة صادرة من مكان واحد في وسط تاريخي واحد.


(١) [ص:٥٩] الكتاب.

<<  <   >  >>