للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا كان علينا أن نتصور تعريفاً للثقافة، لا من زاوية نظرية فحسب، بل لابد أن ينضاف إليها وجهة النظر العملية أو التربوية.

وعليه فلو افترضنا أن تعريفاً معيناً توفر له شرط الصحة، ولكنه في ذاته مقتصر على الجانب النظري، لم يكن في رأينا كافياً في بلد لا تساعد ظروفه العامة على تكملة مضمونه بطريقة ضمنية؛ فعندما يضع أمريكي مشكلة الثقافة في إطار نظري، فإن مضمون الثقافة الأمريكية محدد من قبل بحكم الظروف العامة الناتجة عن الحضارة الغربية.

وعندما يذهب ماركسي المذهب نفسه في تعريفها، فإن مضمون الثقافة التي يعرفها مكمل ضمناً بفضل الإيديولوجية الماركسية.

أما عندما يراد تعريف الثقافة تعريفاً نظرياً في بلد ليس فيه ما يكمل هذا التعريف ضمناً، سواء بما توفر لديه من تراث تاريخي أم إيديولوجي، فإن الأمر يصبح مشكلاً إشكالاً يحتاج معه إلى إيضاح.

وبذلك نجد أنفسنا منساقين مع طبيعة المشكلة الخاصة بالبلاد العربية والإسلامية إلى تطبيق منهج آخر، هو المنهج الذي يستخدم في تعريف الشيء المعقد.

والرسم الصناعي يعطينا في صورة رسم بياني فكرة عن تعريف الأشياء المعقدة، فإذا أردنا مثلاً تعريف نقطة (أي صورتها) بطريقة الرسم الصناعي، كان علينا أن نرسم نقطة مماثلة لها؛ فإذا أردنا تعريف خط معين، رسمنا خطاً مماثلاً له على مستوى معين، كما أنه إذا أريد تعريف مسطح هندسي رسم له مسطح على مستوى معين أيضاً؛ وتلك في الواقع أشكال بسيطة يمكن أن يدل على خصائصها جميعاً رسم بياني واحد.

أما إذا ما أريد تعريف شكل أكثر تعقيداً، كأن يكون ذا حجم مثلاً، فإن

<<  <   >  >>