الحياة الاجتماعية في تلك البلاد مغلفة بلفائف من انعدام الفاعلية، موصومة بنقائص من كل نوع.
وتبدو هذه (اللافاعلية) من تلقاء ذاتها لنظر المرء في صورة انعكاس لثقافة معينة، وهي فضلاً عن ذلك تبدو في مظهر مزدوج هو: المظهر النفسي الفردي والمظهر الاجتماعي الجماعي.
فمن الملاحظ أن طالب الطب المسلم الذي يذهب لتلقي علومه في إحدى العواصم الأوربية، يحصل على الدبلوم نفسه الذي يحصل عليه زميله الإنجليزي مثلاً، بل إنه كثيراً ما يتفوق عليه إذا ما كان أكثر استعداداً وذكاء؛ لكنه لا يحصل غالباً على فاعليته، أعني طريقة سلوكه وتصرفه أمام مشكلات الحياة الاجتماعية.
وليس لدينا سوى وجه واحد لتفسير هذا الاختلال، هو أن الفاعلية الاجتماعية لا علاقة لها بمنهج الكلية، وإنما تعتمد بصفة عامة على أسلوب الحياة في مجتمع معين، وعلى السلوك الذي ينتهجه الفرد كيما ينسجم مع هذا الأسلوب، وعليه إذا ما مضينا لمواجهة مشكلة الثقافة، وجدنا أنفسنا نواجه ضمناً مشكلة أسلوب الحياة ومشكلة السلوك الذي ينسجم معها.
ذلك على وجه التحديد هو الذي يفسر ما لم نستطع أن نجده في التعريف الأمريكي الذي لا يحاول تعريف (أسلوب الحياة) لأنه- بالنسبة له- عنصر ضُمِّنته الحضارة الغربية، كما لم نستطع أن نجده في التعريف الماركسي، الذي يعد السلوك بالنسبة له عنصراً منحته له الإيديولوجية الماركسية.
فإذا صحت هذه الاعتبارات فربما أتاحت لنا تفسير تعدد وجوه الثقافة، الذي يجعلنا نتناولها من جانبيها بوصفها شيئاً معقداً، إلى جانب أنها تفسر لنا الفرق الطبيعي بين طريقة مواجهة مشكلة الثقافة في بلد أخذت فيه الثقافة