١ - تلك التي تتصل بالماضي، أي بخلاصة التدهور، وتشعبها في الأنفس وفي الأشياء.
٢ - تلك التي تتصل بخمائر المصير وجذور المستقبل.
هذا التمييز الضروري لا يتصل بمظاهر الترف العقلي لطائفة من الناس، وإنما يهتم بتكييف حالة شعب وتقرير مصيره بما في ذلك وضع السائل، ما دام السؤال موجوداً في النظام الاجتماعي.
ومن أول واجباتنا تصفية عاداتنا وتقاليدنا وإطارنا الخلقي والاجتماعي، مما فيه من عوامل قتّالة ورمَمٍ لا فائدة منها، حتى يصفو الجو للعوامل الحية والداعية إلى الحياة.
ولن تتأتى هذه التصفية إلا بفكر جديد، يحطم ذلك الوضع الموروث عن فترة تدهور مجتمع، يبحث عن وضع جديد هو وضع النهضة.
ونخلص من ذلك إلى ضرورة تجديد الأوضاع بطريقتين:
الأولى: سلبية تفصلنا عن رواسب الماضي.
والثانية: إيجابية تصلنا بالحياة الكريمة.
ولعل أثر هذه النظرية قد لوحظ في الثقافة الغربية في عهد نهضتنا، حين كان (توماس الأكويني) ينقيها- ولو عن غير قصد منه- لتكون الأساس الفكري للحضارة الغربية، ولم تكن ثورته ضد ابن رشد وضد القديس (أوغسطين)، إلا مظهراً للتجديد السلبي، حتى يستطيع تصفية ثقافته مما كان يراه فكرة إسلامية أو ميراثاً ميتافيزيقياً للكنيسة البيزنطية.
وأتى بعده (ديكارت) بالتجديد الإيجابي، الذي رسم للثقافة الغربية طريقها الموضوعي، الطريق الذي بني على المنهج التجريبي، والذي هو في الواقع السبب المباشر لتقدم الحضارة الحديثة تقدمها المادي.