والأنغام، والعادات والتقاليد والأشكال والأوزان والحركات، التي تطبع على حياة الإنسان اتجاهاً وأسلوباً خاصاً يقوي تصوره، ويلهم عبقريته، ويغذي طاقاته الخلاقة؛ إنها الرباط العضوي بين الإنسان والإطار الذي يحوطه.
لقد خضعت الثورة الصينية لمنطق طبيعي عندما قصدت من فورها إلى تعديل الإطار التقليدي، فمن أجل الإنسان ينبغي أن تغير وسطه الثقافي بإنشاء (محيط) جديد.
ولقد انتقدوا الثورة الصينية في أنها غيرت (الإنسان) إلى (نملة زرقاء)، حين فرضت على الشعب الصيني لباسأ أزرق؛ والواقع أنه يجب أن نغير أحد طرفي التشبيه كيما نكون محقين، لأن وجه الشبه ليس بين (الإنسان) وبين (النملة الزرقاء) بل هو بين (النملة الزرقاء) و (الدودة البائسة) التي كانت تدب في أقذارها وأسمالها في غرز الأفيون، هنالك حيث كان يجتمع الباحثون عن النسيان وعن الغرائب والعجائب.
فالنملة الزرقاء إذن ليست هدفاً، وإنما هي دليل على أن زمن الدودة الصغيرة قد وَلّى، وأن الصيني لن يلبث أن يصل إلى مستوى (الإنسان) إن كان لم يبلغه بعد، وفي هذه القرينة يعد ظهور (النملة الزرقاء) أمارة ثورة ثقافية، من شأنها أن تحدث تغيير المحيط الذي كانت تدب فيه الدودة الصينية، وهو الذي يشكل في الواقع هذه الدودة حتى تصل إلى الكمال.
فإطلاق هذا اللقب على الإنسان الصيني إنما يصف المأساة النفسية التي يعانيها مطلقوه تجاه الثورة الصينية، أكثر من أن يكون تعبيراً عن الحقيقة الموضوعية في هذه الثورة، ويخيل إلينا أن الأوربي في هذا الموقف يعبر عن خيبة أمله، حين عبر بلغة عالم الجمال الذي يأسى، لأنه يرى تلك الريشة الصلبة العنيفة أحياناً في يد (ماوتسي تونج)، ترسم وجه الصين الجديدة على تلك