للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فردّها ولم يعصرها فكانت كلّما أرادت (١) سَمْناً أخذت منها حتى عصَرتها ففني فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لو لم تَعصرها لأخذَتْ منها وقام لها أدم بيتها ... » الحديث (٢) , وكجراب أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي كان فيه دون عشرين تمرة فدعا فيه بالبركة فأكل وجهّز في سبيل الله كذا وكذا وسقا وبقي يأكل منه ويطعم إلى أن قتل عثمان [ق ٢٢/و] بن عفّان - رضي الله عنه - ففقد الجراب في تلك الواقعة (٣) , وكشعير عائشة رضي الله عنها الذي دعا فيه فكانت تأكل منه حتى كالته ففني (٤) وهذا باب واسع؛ وأيضاً فإنّ بني إسرائيل لمّا رزقوا المنّ والسّلوى كانوا (٥) محجوراً عليهم في التّيه , معاقَبين (٦) على مخالفة الأمر بالدخول إلى الأرض المقدّسة لما

احتجوا بأنّ فيها قوماً جبّارين , فقالوا: إنّا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها , وقالوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون , فحرمها عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض , فجعلهم يتيهون في أرض التّيه تلك المدّة , فهذا كان حالهم لما أنزل الله تعالى عليهم المن والسلوى وأصحاب نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - لمّا أمرهم بالقتال قالوا: اوْمُرْنا بما شئت فوالله لو


(١) في ب "أراد" بدون تاء التأنيث.
(٢) أخرجه مسلم (٤/ ١٧٨٤) , كتاب الفضائل , باب في معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - , ح ٢٢٨٠ , من طريق جابر - رضي الله عنه - , بلفظ: "أن أم مالك كانت تهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - في عكة لها سمناً , فيأتيها بنوها فيسألون الأُدم , وليس عندهم شيء , فتعمد إلى الذي كانت تُهدي فيه للنبي - صلى الله عليه وسلم - , فتجد فيه سمناً , فما زال يقيم لها أُدم بيتها حتى عصرته , فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «عصرتيها» , قالت: نعم , قال: «لو تركتيها ما زال قائماً».
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (١٤/ ٢٧٦) ح ٨٦٢٨ , من طريق أبي العالية عن أبي هريرة , بلفظ: "أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً بتمرات , فقلت: ادع الله لي فيهن بالبركة , قال: فصفَّهن بين يديه , قال: ثم دعا , فقال لي: «اجعلهن في مزود , فأدخل يدك ولا تنثره» قال: فحملت منه كذا وكذا وسقاً في سبيل الله , ونأكل , ونُطعم , وكان لا يفارق حقوي , فلما قتل عثمان - رضي الله عنه - انقطع عن حقوي فسقط"؛ وأخرجه الترمذي (٥/ ٦٨٥) , بنحو لفظ المسند في أبواب المناقب , باب مناقب أبي هريرة - رضي الله عنه - , ح ٣٨٣٩ , وقال: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه , وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة" , وقال الألباني: " حسن الإسناد". صحيح سنن الترمذي (٣/ ٥٦٠) , للإمام الألباني , الطبعة الأولى ١٤٢٠ , مكتبة المعارف , الرياض.
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٩٦) , كتاب الرقاق , باب فضل الفقر , ح ٦٤٥١؛ وأخرجه مسلم (٤/ ٢٢٨٢) , كتاب الزهد والرقائق , ح ٢٩٧٣ , عن عائشة رضي الله عنها , بلفظ: "لقد توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - وما في رفِّي من شيء يأكله ذو كبد , إلا شطر بعير في رف لي , فأكلت منه , حتى طال عليَّ , فَكِلته ففني".
(٥) في ب "كان".
(٦) في ب زيادة "كانوا" قبل "معاقَبين".

<<  <   >  >>