للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: من الآية ٧٦] يعني من بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - {لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ} [البقرة: من الآية ٧٦] فأعلمه الله تعالى بذلك فقال: {أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [البقرة: ٧٧] ومن ذلك قوله: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا} [الأحزاب: من الآية ١٨] وذلك أنّ اليهود قالوا للمنَافقين سراً يوم الخندق: على ما تقتلون أنفسكم , هلموا إلينا , ما ترجون من محمد , والله ما تجدون عنده خيراً؛ ومن ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} [محمد: من الآية ٢٥] إلى قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: من الآية ٢٦] وذلك أنهم قالوا: أن قريظة والنضير ستُطيعكم في بعض الأمر فأظهر الله تعالى إسرارهم لرسوله - صلى الله عليه وسلم - , ونظائر ذلك في القرآن كثيرة نبهنا ببعضها على ما فيها؛ فأمّا إخبارهُ - صلى الله عليه وسلم - بالغائبات من غير القرآن فكثير أيضاً كإخباره بأمر الخلافة وأنها تكون كذلك ثلاثين سنة ثم تصير مُلْكاً (١) , وبأن عثمان سَيُقمص قميصاً ويُراد على خلعه وأوصاه أن لا يخلعه (٢) , وأن أشقى الآخِرين سَيخضِب لحية عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - من رأسه (٣) , وأن الحسين - رضي الله عنه - سَيُقتل (٤) , وأن فاطمة رضي الله عنها أول أهله به لحُوقاً (٥) , وأخبر بخروج الخوارج (٦) , وبأنّ عمّاراً - رضي الله عنه - تقتله الفئة الباغية (٧) , وأنه يخرج من ثقيفٍ


(١) أخرجه أحمد في مسنده (٣٦/ ٢٤٨) ح ٢١٩١٩ , من طريق سفينة - رضي الله عنه - , بلفظ: "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الخلافة ثلاثون عاماً , ثم يكون بعد ذلك الملك» ... " , قال محققوا المسند -شعيب الأرنؤوط , عادل المرشد , وآخرون , بإشراف: د. عبدالله التركي-: "إسناده حسن" , وقال الألباني: "حسن صحيح". انظر: السلسة الصحيحة (١/ ٨٢٠) ح ٤٥٩.
(٢) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤٢٢.
(٣) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤٢٢.
(٤) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤٢٢ - ٤٢٣.
(٥) أخرجه مسلم (٤/ ١٩٠٥) , كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم , باب فضائل فاطمة بنت النبي رضي الله عنها , ح ٢٤٥٠ , من طريق عائشة رضي الله عنها.
(٦) أخرج البخاري (٩/ ١٦) , في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم , باب قتل الخوارج والملحدين بعد إقامة الحجة عليهم؛ وأخرج مسلم (٢/ ٧٤٣) , في كتاب الزكاة , باب ذكر الخوارج وصفاتهم , من طريق أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - , قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «يخرج في هذا الأمة -ولم يقل منها- قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم , يقرءون القرآن لا يُجاوز حلوقهم -أو حناجرهم- يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية , فينظر الرامي إلى سهمه , إلى نصله , إلى رصافه , فيتمارى في الفوقة , هل علق بها من الدم شيء»
(٧) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤٢٣.

<<  <   >  >>