للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنام فاندقّ صدره ثم هزّه فعاد كما كان عبره بهزيمة أصحابه ثم يُنصرون بعد ذلك فكان كذلك (١) , ومن الشواهد على علمه بالتعبير العلم التامّ الكامل [ق ٤٩/ظ] ما قصّه

عبدالله بن سلام - رضي الله عنه - (عليه) (٢) , فقال له أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - بأبي أنت دعني فأعبُرَها , فقال: «اعبُرْها» فتكلم عليها أبو بكر - رضي الله عنه - ثم قال: والله لتُخبرنّي يا رسولَ الله أصبتُ أم أخطأتُ , فقال: «أصبتَ بعضاً وأخطأتَ بعضاً» , فقال: والله لتخبرنّي ما الذي أصبتُ وما الذي أخطأتُ , فقال: «لاتقسم» (٣)؛ ولولا وفور علمه لما انتقَد على أبي بكر هذا الانتقاد , وقد كان في أمّة محمّد - صلى الله عليه وسلم - مَن يَعْبُرُ الرؤيا من السلف والخلف أمور عجيبة وأحوال غريبة ليس هذا مكان شرحها لكثرتها.

فأما قوله لصاحبي (٤) السجن: {لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا (٥) ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي} [يوسف: من الآية ٣٧] , فهذا لمحمّد - صلى الله عليه وسلم - وأمثالُه بل لغيره من الأنبياء صلى الله عليه وعليهم وسلم , على أن محمّداً - صلى الله عليه وسلم - قد أُعطي من هذا الباب النّصيب الأوفى , فإنّه - صلى الله عليه وسلم - أخبر قريشاً بما فعلت الأرضة بكتابهم الذي كتبوا بينه وبينهم وأنّها قد لَحِسَتْ ما فيه من الجور وأبقت ما فيه من العدل والصلاح (٦) , وأخبر عمَّه العبّاسَ - رضي الله عنه - بما كان دَفع إلى زوجته حين خرج من مكّة ولم يعلم به أحد إلا الله (٧) ,


(١) أخرج البخاري (٥/ ١٠٢) , في كتاب المغازي , باب من قتل من المسلمين يوم أحد , ح ٤٠٨١ , ومسلم (٤/ ١٧٧٩) , في كتاب الرؤيا , باب رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - , ح ٢٢٧٢ , من طريق أبي موسى - رضي الله عنه - , بلفظ: "أُرى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رأيت في رؤياي أني هززت سيفاً فانقطع صدره , فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أحد , ثم هززته أخرى فعاد أحسن ما كان , فإذا هو ما جاء به الله من الفتح واجتماع المؤمنين , ورأيت فيها بقراً والله خير , فإذا هم المؤمنون يوم أحد» واللفظ للبخاري.
(٢) "عليه" ليس في ب.
(٣) أخرجه البخاري (٩/ ٤٣) , كتاب التعبير , باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب , ح ٧٠٤٦ , ومسلم (٤/ ١٧٧٧) , كتاب الرؤيا , باب في تأويل الرؤيا , ح ٢٢٦٩ , من طريق عبدالله بن عباس رضي الله عنهما.
(٤) في ب "لصاحب".
(٥) في ب "يأتكما".
(٦) أخرج أبو نعيم في الدلائل (٢/ ٢٧٢ - ٢٧٥) ح ٢٠٥ , من طريق عروة بن الزبير؛ وأخرجه بنحوه البيهقي في الدلائل (٢/ ٣١٣ - ٣١٤).
(٧) تقدم تخريجه , انظر: ص ٤١٩.

<<  <   >  >>