للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد قدّمنا هذا المعنى؛ ثم إنّ تدبير محمد - صلى الله عليه وسلم - في الجدب كان أصلح وأنفع للخلق (١) , ومحمّد - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أجدب قومُه دعا اللهَ (٢) تعالى فأنزل الغيث فعمّ البلدان

[وأحياها] (٣) , وأحيا أهلها (٤) , وتصرّفوا هم في معائشهم على مقتضى (٥) مصالحهم واختيارهم من غير حجْرٍ , ولا تقتير , ولا تضييق , وكانوا إذا أملقوا أو قلّت الأزواد سفراً وحضراً دعا بما بقي مَعَهم منها ثم دعا فيه بالبركة ثم أمرهم فأكلوا وتزوّدوا كما ذكرنا فيما مضى , وكذلك في الماء إذا أعوزهم كما سبق ذكْره , فهذا التدبير أكمل من تدبير يوسف عليه الصلاة والسلام , وهذا التصرّف أنفع من تصرّف يوسف عليه الصلاة والسلام , وهذا النفع أعمّ من نفع تدبير (٦) يوسف عليه الصلاة والسلام , لكن كان ليوسف عليه الصلاة والسلام في ذلك مزيّة أخرى: وهو أنّ الله تعالى جَبَره (٧) وطيّب قلبَه بعد أن كان (في) (٨) قيد الاسترقاق , بأن أعطاه هذا التدبير الحسن , حتى ملّكه رقاب أهل مصر بأجمعهم , فإنه لما فوّض إليه تدبير الخزائن وأمور الناس فعل ما علّمه الله تعالى من جمع الطعام في سنبله في السّبْع السّنين المُخْصِبَة , وحفظه حتى دخلت السنون المُجدِبة فنفد ما عند الناس من الحبوب وسَلِم ماعنده , فباعهم أوّل سنة بالنقود حتى لم يبق بمصر دينار ولا درهم إلا قبضه , وباعهم في السنة الثانية بالحلي والجواهر حتى لم يبق في أيدي الناس منها شيء , وباعهم في السنة الثالثة بالمواشي والدواب حتى احتوى عليها أجمع , وباعهم في السَّنة الرابعة بالعبيد والإماء حتى [ق ٥٢/ظ] لم يبق عبْد ولا أمة في يد أحد , وباعهم في السَّنة الخامسة بالضياع والعقار والدور حتى احتوى عليها , وباعهم في السنة السادسة بأولادهم حتى استرقّهم , وباعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق


(١) في ب "الخلق" , وهو خطأ.
(٢) في ب زيادة "إلى" قبل لفظ "الله" , وهو خطأ.
(٣) "وأحياها" زيادة من ب.
(٤) في ب "أهلوها".
(٥) في ب "بمقتضى".
(٦) في ب "يد".
(٧) في ب "خيّره".
(٨) "في" ليس في ب.

<<  <   >  >>