للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بمصر حرّ ولا حرّة إلا صار قِنّاً (١) له , فتعجب الناس من ذلك (٢) , فكان ذلك جبراً لقلبه الذي انكسر حال استرقاقه , وتطييباً لنفسه حين ملّكه

رقاب جميع أهل مصر , وهي عطيّة سنيّة , ومنّة من الله تعالى عظيمة , والذي أُعطي محمد - صلى الله عليه وسلم - من هذا الجنس أعظم وهو ما تمالَأ (٣) عليه المشركون من أن لا يبايعوا بني هاشم وبني المطلب , ولا يناكحوهم , حتى يُسلّموا إليهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - , ففعلوا ذلك , فلمّا فعلوهُ وكتبوا الكتاب وتعاقدوا فيه على ذلك وجعلوا الكتاب في جوف الكعبة توكيداً للأمر انحاز بنو هاشم وبنو (٤) المطلب إلى أبي طالب , فدخلوا معه في شعبِه , وخرج منهم أبو لهَب وظاهرَ المشركين فأقاموا على ذلك (ثلاث) (٥) سنين وقطعوا الميرَة والمادّة عنهم , فكانوا لا يخرجون إلا من موسم إلى موسم حتى بلغوا الجهد , ثم إنّ الله تعالى غضب لمحمّد - صلى الله عليه وسلم - وسلّط الأرضة على صحيفتهم التي كتبوا فأكلت ما كان فيها من جور وظلم وبقي ما كان فيها من ذكر الله تعالى واطّلع نبيّه - صلى الله عليه وسلم - على ما كان من ذلك فذكرَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمّه أبي طالب فقال أبو طالب: أحَقٌ ما تخبرني به يا ابن أخي , قال: «نعم واللهِ» فذكر ذلك أبو طالب لإخوته وقال: والله ما كذَبني قط , قالوا: فما ترى , قال: أرى أن تلبسوا أحسن ثيابكم وتخرجوا إلى قريش فتذكروا ذلك لهم مِن قبل أن يبلغهم الخبر فخرجوا حتى دخلوا المسجد فقال أبو طالب: إنا قد جئنا في أمرٍ فأجيبوا (٦) فيه , قالوا: مرحباً بكم وأهلاً , قال: إنّ ابن أخي قد أخبرني ولم يَكْذِبْني قطُّ أنّ الله تعالى سلّط على صحيفتكم الأرضة فَلَحِسَتْ كلّ ما كان فيها من جور أو ظلم أو قطيعة رحم وبقي فيها ما ذُكِرَ بهِ الله تعالى فإن كان ابن أخي [ق ٥٣/و] صادقاً نزعتم عن سوء رأيكم وإن كان كاذباً دفعته إليكم فقتلتموه أو استحييتموه (٧) إن شئتم , قالوا: قد أنصفتنا (٨) فأرسلوا إلى


(١) القن: الذي مُلك هو وأبواه. النهاية في غريب الأثر (٤/ ١٩١).
(٢) انظر: تفسير الثعلبي (٥/ ٢٣٤) , الجامع لأحكام القرآن (٩/ ٢١٩).
(٣) في ب "وهو بمالأ" , وهو خطأ ظاهر.
(٤) في أ "وبنوا" بزيادة الألف , وهو خطأ.
(٥) "ثلاث" ليس في ب.
(٦) في ب "وأحسوا".
(٧) في ب "استحيتموه" بياء واحدة.
(٨) في ب "أنصفنا"بدون التاء.

<<  <   >  >>